»-(¯`v´¯)-» منتـــــــديات عـــــــــذاب الحــــــــــــب»-(¯`v´¯)-»
*تتشرف منتـــديات عـــــذاب الحـــب بوجودكم على صفحتنا...

ونتمنى منكم ان تسجلوا بهاذا المنتدى وأن تصبحوا جزءاً من عائلتنا...

وشكراً لكم

مع تحيـات إدارة منتــديات عـــذاب الحــب
»-(¯`v´¯)-» منتـــــــديات عـــــــــذاب الحــــــــــــب»-(¯`v´¯)-»
*تتشرف منتـــديات عـــــذاب الحـــب بوجودكم على صفحتنا...

ونتمنى منكم ان تسجلوا بهاذا المنتدى وأن تصبحوا جزءاً من عائلتنا...

وشكراً لكم

مع تحيـات إدارة منتــديات عـــذاب الحــب
»-(¯`v´¯)-» منتـــــــديات عـــــــــذاب الحــــــــــــب»-(¯`v´¯)-»
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


قمــة الإبــداع هي رمــز منتــــدانا...
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الخلفاء الراشدين

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
سيرينا
عضو ذهـبـي



عدد المساهمات : 448
نقاط : 840
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 07/09/2009

الخلفاء الراشدين Empty
مُساهمةموضوع: الخلفاء الراشدين   الخلفاء الراشدين Icon_minitime1الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 12:54 am

أبو بكر الصديق رضي الله عنه

تاريخه في سطور

ولد بعد مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعامين وبضعة أشهر

كان أول مؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم من الرجال البالغين

كان هو وحده رفيق رسول الله في الهجرة إلى يثرب ، وصاحبه في الغار

أصهر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبا أم المؤمنين عائشة

كان أول خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

تولى الخلافة عام 10 من الهجرة واستمر فيها سنتين وثلاثة أشهر

كان عمره 63 عاماً مثل عمر النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي

دفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة عائشة

من أكبر فضائله الخالدة في التاريخ أنه جمع المصحف بعد أن كان أشتاتاً في الرقاع ، ومحفوظا في الصدور

تزوج في الجاهلية : قتلة وأم رومان ، وفي الإسلام : أسماء وحبيبة، وتوفي وكانت حبيبة حاملا

كان لأبي بكر من الولد ستة:ثلاثة بنين ! وثلاث بنات ، أما البنون فهم : عبد الله ، وعبد الرحمن ، ومحمد، وأما البنات فهن : أسماء، وعائشة أم المؤمنين ، وأم كلثوم

اسمه

هو عبد الله بن عثمان أبي قحافة العتيق الصديق . أما العتيق فهو الجميل ، الغاية في الجود والخير، وأما الصديق فهو الذي يصدقه الناس ، ولا يكذبونه ، والذي أسرع إلى تصديق الرسول في كل أمر يخبر به الرسول عن ربه

جاهليته وصفته

كان في الجاهلية من أنسب قريش وأعلمها بما كان فيها من خير أو شر، تاجراً موفقاً ذا خلق وفضل ، محبباً في قومه لم يشرب خمراً ، ولم يعبد صنماً ، ولم يؤثر عنه ما يثلم شرفه أو ينتقص مروءته

وكان أبيض نحيفاً ، قليل لحم الوجه ، غائر العينين ، ناتىء الجبهة، كثير شعر الرأس ، منحني القامة

إسلامه

كان صديقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الرسالة، فلما أكرم الله رسوله برسالته ، كان أول من دعاهم الرسول للإسلام أبو بكر، فما لبث أن أسلم ، غير متردد ولا متلكئ

وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا وكانت منه عنده كبوة ونظر وتردد، إلا ما كان من أبي بكر ما غكم ( تلبث ) عنه حين ذكرته له وما تردت فيه " ، سيرة ابن هشام

وظل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعاون معه في مختلف مراحل الدعوة ، كأنصح ما يكون مؤمن لربه ولنبيه ولدينه . تحمل من الأذى ما حمله على أن يكون صاحبه في الهجرة ، ورفيقه في الغار، وبذل في سبيل الإسلام من ماله ما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يقول : " ما نفعني مال قط كما نفعي مال أبي بكر " أخرجه أحمد وابن ماجه والترمذي ، استمر يؤيد رسول الله وينصره حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقرب الصحابة إلى قلبه ، و أجدرهم في نظره بخلافته من بعده ، وحسبك فيه شهادة رسول الله العظيم " إن من أمنِّ الناس علي في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام و مودته " أخرجه البخاري ومسلم والترمذي ، ومعنى " من أمن الناس علي " أي أسمح بماله وأبذله ولم يرد به معنى الامتنان

في خلافته

لما بويع أبو بكر رضي الله عنه بالخلافة، كان أمر المسلمين مضطرباً لوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وارتداد بعض قبائل العرب ، وامتناع بعضها عن الخضوع لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما كانت الروم تتأهب لغزو الحجاز، وكان جيش أسامة ـ وهو الذي أعده الرسول صلى الله عليه وسلم قبل وفاته لرد عدوان الروم ـ واقفاً على أبواب المدينة ينتظر الأمر بالمسير، فقام أبو بكر بعبء الخلافة على خير ما يقوم به رجل في التاريخ

** وقف من حروب الردة وقفة الحازم المصمم على تأديب المرتدين والخارجين على طاعة الدولة، ومع أن الصحابة جميعا كانوا لا يرون محاربة هؤلاء، فان أبا بكر ظل وحده مصمما على قتالهم ، حتى شرح الله صدور الصحابة لذلك ، فساروا على بركة الله يثبتون الإسلام من جديد في ربوع الجزيرة، وكان نصر الله عظيماً، وكان القضاء التام على الفتنة وهي في مهدها

** وأنفذ جيش أسامة كما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان بدء الفتوحات الميمونة في نشر الإسلام وتحرير الشعوب

** وسار في المسلمين سيرة ورع عن أموالهم ، وزهد في دنياهم ، وسهر على مصالحهم ، وإشفاق على ضعفائهم ، وشدة على أقويائهم ، وكان دستوره في الحكم هو الخطاب الذي ألقاه عقب توليه الخلافة

" إني قد وليت عليكم ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوّموني ، الصدق أمانة ، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له الحق ، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق ، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمّهم الله بالبلاء ، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم




أبرز نواحي عظمته :

لأبي بكر رضي الله عنه نواح متعددة من العظمة، قد يشارك في كثير منها كثيراً من عظماء الصحابة، ولكن ما يمتاز به عن كثير منهم خصال جعلته في الذروة من عظماء الإسلام وأهمها :

الإيمان

التضحية

الحزم والعقل

التواضع والعفة

الإيمان بالله ورسوله

وهو إيمان حمل الصديق على أن يكون أوّل من أسلم ، وعلى أن يصدّق بكل ما يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من غير شك ولا تردد، وانظر ما أروع موقفه من حادث الإسراء والمعراج ، حين قص النبي صلى الله عليه وسلم على مشركي قريش وعلى صحابته ما حدث له في تلك الليلة، فارتد من ارتد من ضعفاء الإيمان ، وهزئت قريش برسول الله صلى الله عليه وسلم أيما هزء ، وجاء أبو جهل إلى أبي بكر لينظر ماذا يكون موقفه من هذه الحادثة العجيبة ، فإذا بأبي بكر يرد على رئيس الضلالة في قريش بهدوء المؤمن الواثق بنبيه ، المطمئن إلى صدق رسوله : أوقد قال ذلك ؟ فيقول أبو جهل : نعم ! فيقول الصديق : لئن قال ذلك لقد صدق . قال أبو جهل ومن معه : تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وعاد قبل أن يصبح ؟ قال أبو بكر: إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك ، من خبر السماء في غدوة أو روحة . ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستمع منه إلى حديث الإسراء ويصدقه ويقول : أشهد أنك رسول الله . متفق عليه

إنه إيمان يبلغ الذروة ، فلا عجب أن يبلغ صاحبه به ذروة العظمة بين عظماء الإسلام . .

2 - تضحيته بنفسه وبماله في سبيل الدعوة

وهو نتيجة محتمة لإيمان أبي بكر ، وما دخل الإيمان قلب مؤمن إلا حمله أول ما يحمله على البذل والتضحية والفداء ، فكيف إذا كان إيماناً كإيمان أبي بكر الصديق ؟ ضحى أبو بكر بنفسه دون رسول الله حين دفع عنه قريشا في فناء الكعبة وهي تريد أن تخنقه ، فما كان من قريش إلا أن مالت على أبي بكر تصفعه وتضربه حتى حمل مغشياً عليه إلى بيته ، لا يتبين أنفه من خده أو عينيه ، فلما أفاق كان أول ما سأل عنه : ماذا فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟

وضحى بنفسه حين هاجر معه ، وقريش تَّـجِدُ في طلبه تريد الفتك به ، وانظر ما أروع هذا الموقف حين يقول أبو بكر للرسول وقد وقفت قريش على باب الغار: يا رسول الله : لو أن أحدهم نظر إلى ما تحت قدميه لرآنا. . ولكن الرسول عَـلم كيف يُـطمئن من روع صديقه بالكلمة الخالدة : " يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ ".

وضحى بماله كله في سبيل الدعوة . تقول عائشة رضي الله عنها : أنفق أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ألفاً ، ولما طلب الرسول من الصحابة تجهيز جيش العسرة في غزوة تبوك ، تقدم الصحابة بمال وجاء عثمان بمال كثير ، وجاء عمر بنصف ماله ، وجاء أبو بكر بكل ماله ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : " ماذا أبقيت لأهلك يا أبا بكر؟ " قال : أبقيت لهم الله ورسوله .

بخ بخ يا أبا بكر. . ما أروع إيمانك بالله ورسوله ، وما أروع بذلك في سبيل الله ورسوله و شريعته ؟

3 – عقله الكبير وحزمه عند الشدائد

وحسبك من عقله أنه في الجاهلية أبى أن يسجد للأصنام ، وقومه يتهافتون على عبادتها ، وأبى أن يشرب الخمر، وقومه يتمادحون في شربها وإراقتها ... لقد أدرك بعقله الكبير أن عبادة الأصنام سخف وضلالة ، وأن شرب الخمر أذى وانحلال ، وحسبك من حزمه موقفه يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم ، ويوم قامت حروب الردة . لقد جزع الصحابة لوفاة رسول الله جزعا بالغاً ، حتى خرس بعضهم ، وأقعد بعضهم ، ونادى عمر: إن الرسول لم يمت ، وسيعود . إلا أن أبا بكر أعلن أن رسول الله مات كما يموت الناس جميعاً ، ورد عمر عن قوله ، وهدأ من غليان النفوس ، ورد السكينة إلى القلوب ، وذكر المؤمنين بقول الله تبارك وتعالى : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " . سورة ال عمران : الاية 144

وأما موقفه من حروب الردة ، فهو أعظم ما يؤثر عن الرجال من الحزم المصمم ، والإرادة الحازمة في مواقف الشدة . ولولا أن ثبت الله قلب أبي بكر على الحق ، وآتاه حزم أولي العزم من الأنبياء والرسل ، لطوحت الفتنة بصرح الإسلام الفتي ودولته … ومن هنا كان أبو بكر المؤسس الثاني للإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

4 - تواضعه وعفته

والعظيم مثل أبي بكر أبعد من أن يغره الملك ، وتنأى به الرئاسة عن آداب الإسلام وأخلاقه ، ظل في الخلافة كما كان قبلها ، لينا سهلا رحيما بالمسلمين ، غيورا عليهم . وحسبك من هذه القصة التالية مثلا على تواضع أبي بكر في خلافته :

كان أبو بكر يعتاد أن يحلب الغنم للنسوة العاجزات ، وللفتيات القاصرات كل صباح ، فلما ولي الخلافة قالت بنات الحي : الآن لا يحلب لنا أبو بكر أغنامنا . فبلغ ذلك أبا بكر فقال : " بلى والله لأحلبن لكن كما كنت أصنع من قبل ، وأرجو ألا يغيرني الله عن خلق كنت أعتاده قبل الخلافة لا.

هذه والله هي العظمة … وهذا لعَمْرُ الله هو العظيم .

ومات أبو بكر ولم يخلف متاعاً ولا مالا ، ولم يستطب من مال الخلافة إلا ما أجازه له المسلمون ، بل لقد اشتهت زوجته حلواً فلم تجد ثمنه عنده ، فقالت زوجته : سأقتصد من نفقتنا اليومية حتى أجمع ثمن الحلوى، واقتصدت من نفقة بيتها ما استطاعت معه أن تشتري ما تريد من الحلوى . فلما بلغ ذلك أبا بكر قال : لا جرم أننا أخذنا من بيت مال المسلمين ما يزيد عن حاجتنا ، ثم أنقص من راتبه بمقدار ما استطاعت زوجته أن تقتصده .

إنه لموقف يطأطىء فيه عظماء الدنيا رؤوسهم احتراماً لصاحبه وإكباراً … إنه لموقف العظمة التي تتسامى عن أهواء النفس وشهواتها وحاجاتها … لتذكر حق الأمة ومطاليبها ، وتحفظ لها حقوقها وأموالها . يرحمك الله أيها الصديق الأكبر وطبت حياً وميتا ...

من كلماته الخالدة

ا - أيها الناس : " أإن كثر أعداؤكم ، وقل عددكم ، ركب الشيطان منكم هذا المركب ؟ والله ليظهرن هذا الدين على الأديان كلها ، ولو كره المشركون ، قوله الحق ، ووعده الصدق "

بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ

2 - أيها الناس : " إني أوصيكم بتقوى الله العظيم في كل أمر ، وعلى كل حال ، ولزوم الحق فيما أحببتم وكرهتم ، فإنه ليس فيما دون الصدق من الحديث خير ، من يكذب يفجر، ومن يفجر يهلك ، وإياكم والفخر، وما فخر من خلق من التراب وإلى التراب يعود "

3 - ألا إن لكل أمر جوامع ، فمن بلغها فهي حسبه ، ومن عمل لله كفاه الله . عليكم بالجد والقصد ، فإن القصد أبلغ . ألا إنه لا دين لأحد لا إيمان له ، ولا أجر لمن لا حسبة له ، ولا عمل لمن لا نية له ، ألا وإن في كتاب الله من الثواب على الجهاد في سبيل الله لما ينبغي للمسلم أن يحب أن يخص به . هي التجارة التي دل الله عليها، ونجى بها من الخزي ، وألحق بها الكرامة في الدنيا والآخرة . . .

مع أبي بكر الصديق

الحياء من الله

يا معشر المسلمين : " استحيوا من الله عز وجل ، فوالذي نفسي بيده ، إني لأظل حين أذهب إلى الغائط في الفضاء متقنعا بثوبي استحياء من ربي عز وجل " .

خطبة خليفة

" أوصيكم بتقوى الله ، وأن تثنوا عليه بما هو له أهل ، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة ، وتجمعوا الإلحاف بالمسالة، فإن الله أثنى على زكريا وعلى أهل بيته فقال :

إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ

ثم اعلموا - عباد الله - أن الله تعالى قد ارتهن بحقه أنفسكم ، وأخذ على ذلك مواثيقكم ، واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي ، وهذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه ، ولا يطفأ نوره ، فصدقوا قوله ، وانتصحوا كتابه ، واستبصروا فيه ليوم الظلمة ، فإنما خلقكم للعبادة ، ووكل بكم الكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون ، ثم اعلموا عباد الله ، أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه ، فإن استطعتم أن تنقضي الآجال وأنتم في عمل لله فافعلوا ، ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله ، فسابقوا في مهل آجالكم ، قبل أن تنقضي آجالكم ، فيردكم إلى أسوأ أعمالكم ، فإن أقواما جعلوا آجالهم لغيرهم ، ونسوا أنفسهم فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم ، النجاء النجاء. إن وراءكم طالباً حثيثاً ، أمره سريع ـ يعني الموت ـ

لا خير إلا بالطاعة

إن الله ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب يعطيه به خيرا ، ولا يصرف عنه سوءا ، إلا بطاعته واتباع أمره ، وانه لا خير بخير بعده النار ، ولا بشر بعده الجنة .

وصية خليفة لخليفة

لما حضر أبا بكر الموت دعا عمر فقال له : اتق الله يا عمر واعلم أن لله عز وجل عملا بالنهار لا يقبله بالليل وعملاً بالليل لا يقبله بالنهار ، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة ، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا ، وثقله عليهم ، وحق لميزان يوضع فيه الحق غدا أن يكون ثقيلاً، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا وخفته عليهم ، وحق لميزان يوضع فيه الباطل غداً أن يكون خفيفاً ، لم إن الله تعالى ذكر أهل الجنة ، فذكرهم بأحسن أعمالهم ، وتجاوز عن سيئاتهم ، فإذا ذكرتهم قلت : إني لأخاف أن لا ألحق بهم ، وإن الله تعالى ذكر أهل النار، فذكرهم بأسوأ أعمالهم ، ورد عليهم أحسنها فإذا ذكرتهم قلت : إني لأرجو أن لا أكون مع هؤلاء ، ليكون العبد راغبا راهبا ، لا يتمنى على الله ، ولا يقنط من رحمته عز وجل ، فإن أنت حفظت وصيتي ، فلا يكن غائب أحب إليك من الموت ـ وهو آتيك ـ وان أنت ضيعت وصيتي فلا يكن غائب أبغض إليك من الموت – ولست بمعجزه ـ .

الغرور بالنعمة

لبست عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ثوباً جديداً ، فجعلت تنظر إليه وتعجب به ، فقال لها أبو بكر : ما تنظرين ؟ إن الله ليس بناظر إليك ؟! قالت : ومم ذاك ؟ قال : أما علمت أن العبد إذا دخله العجب بزينة الدنيا مقته ربه عز وجل حتى يفارق تلك الزينة ؟ فنزعت عائشة ثوبها وتصدقت به . فقال أبو بكر : عسى ذلك أن يكفر عنك .

هذا ولا يلتبس عليك الأمر بين التحدث بنعمة الله ، كما ورد في الآية والحديث ، وبين العجب بالنعمة ، فان التحدث بها إقرار لله بالفضل والمنة، والعجب بها غرور يؤدي إلى بطر الحق ، وجحود النعمة ، والاستعلاء على الناس .

الورع الصادق

كان لأبي بكر مملوك يغل عليه ـ أي يعمل ويأخذ من أجره كل يوم قدرا معيناً ـ فأتاه ليلة بطعام ، فتناول منه لقمة ثم أخبره المملوك أنه أخذه أجراً على كهانة كان قد رقاها في الجاهلية فقال أبو بكر : إن كدت لتهلكني . وأدخل يده في حلقه ، فجعل يتقيا ، وجعلت لا تخرج ، فقيل له : إن هذه لا تخرج إلا بالماء فدعا بتست من ماء، فجعل يشرب ويتقيا ، حتى رمى بها . فقيل له : يرحمك الله ! كل هذا من أجل لقمة ؟ فقال : لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كل جسد نبت من سحت (حرام ) فالنار أولى به " رواه البيهقي ، فخشيت أن ينبت شيء من جسدي بهذه اللقمة

إخلاص النية

ألا إن لكل أمر جوامع ، فمن بلغها فهي حسبه ، ومن عمل لله كفاه الله ، عليكم بالجد والقًصْد، فإن القصد أبلغ . ألا إنه لا دين لأحد لا إيمان له ، ولا أجر لمن لا حسبة له ، ولا عمل لمن لا نية له . ألا وإن في كتاب الله من الثواب على الجهاد في سبيل الله ، لما ينبغي للمسلم أن يحسب أن يخص به ، هي التجارة التي

دل الله عليها ، ونجى بها من الخزي ، وألحق بها الكرامة في الدنيا والآخرة .

احذر نفسك

إن لكل نفس شهوة ، فإذا أعطَيـْتـَها تمادت في غيرها.

أحسن زادك

أوصى أبو بكر بلالاً حين توجه للجهاد فقال له : اعمل صالحاً ، وليكن زادك من الدنيا ما يذكرك الله ما حييت ويحسن لك به الثواب إذا توفيت .

اتق واصدق

أكيس الكيس التقوى ، وأحمق الحمق الفجور، وأصدق الصدق الأمانة ، وأكذب الكذب الخيانة .

لا خير فيمن

لا خير في قول لا يراد به وجه الله تعالى، ولا خير في مال لا ينفق في سبيل الله عز وجل ، ولا خير فيمن يغلب جهله حلمه ، ولا خير فيمن يخاف في الله لومة لائم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سيرينا
عضو ذهـبـي



عدد المساهمات : 448
نقاط : 840
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 07/09/2009

الخلفاء الراشدين Empty
مُساهمةموضوع: عمر بن الخطاب رضي اللة عنة   الخلفاء الراشدين Icon_minitime1الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 12:56 am

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

تاريخه في سطور

1 - ولد قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاثين سنة .

2 - كان عدد المسلمين يوم أسلم تسعة وثلاثين .

3 - كان صهر رسول الله وأبا أم المؤمنين حفصة .

4 - كان عمره يوم الخلافة خمسا وخمسين سنة .

5 - كانت مدة الخلافة عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام .

6 - فتحت في عهده بلاد الشام والعراق وفارس ومصر وبرقة وطرابلس الغرب وأذربيجان ونهاوند وجرجان

7 - بنيت في عهده البصرة والكوفة .

8 - أول من أرخ بالهجرة ، ودون الدواوين ، وصلى بالناس التراويح .

9 - دفن مع رسول الله وصاحبه أبي بكر في غرفة عائشة .

10 - تزوج في الجاهلية ، قريبة أم كلثوم بنت جرول ، وفي الإسلام زينب بنت مظعون ، وأم كلثوم بنت علي رضي الله عنه ، وجميلة بنت ثابت ، وأم حكيم بنت الحارث ، وعاتكة بنت زيد ، وقد توفي وبعضهن في عصمته .

11 - كان له من الولد اثنا عشر ستة من الذكور هم : عبد الله وعبد الرحمن وزيد وعبيد الله وعاصم وعياض ، وست من الإناث وهن : حفصة ورقية وفاطمة وصفية وزينب وأم الوليد .

اسمه ولقبه

هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى ، يجتمع نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي ، فهو قرشي من بني عدي . وكنيته أبو حفص ، والحفص هو شبل الأسد ، كناه به النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر. ولقبه الفاروق ، لقبه بذلك النبي صلى الله عليه وسلم يوم إسلامه ، فاعز الله به الإسلام ، وفرق بين الحق والباطل .

صفته وبيئته

نشأ في مكة عاصمة العرب الدينية ، من بيت عرف بالقوة والشدة ، كما كانت إليه السفارة في الجاهلية ، إذا وقعت بين قريش وبين غيرها حرب ، بعثته سفيرا يتكلم باسمها ، وإن نافرهم منافر، أو فاخرهم مفاخر، بعثوا به منافراً عنهم ، ومفاخراً بهم . وكان طويلا بائن الطول ، إذا مشى بين الناس أشرف عليهم كأنه راكب ، أسمر، مشربا بحمرة ، حسن الوجه ، غليظ القدمين والكفين ، أصلع خفيف العارضين ، جلداً شديد الخلق ، ضخم الجثة ، قوي البنية ، جهوري الصوت . قالت فيه الشفاء بنت عبد الله : كان عمر إذا تكلم أسمع ، وإذا مشى أسرع ، وإذا ضرب أوجع ، وهو الناسك حقا

جاهليته

كان من أنبه فتيان قريش وأشدهم شكيمة ، شارك فيما كانوا يتصفون به من لهو وعبادة . فشرب الخمر ، وعبد الأوثان واشتد بالأذى على المسلمين في سنوات الدعوة الأولى ، وكان يعرف القراءة والكتابة .

إسلامه

كان عمره يوم بعث النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين سنة ، أو بضعا وعشرين سنة ، على اختلاف الروايات . وقد أسلم في السنة السادسة من البعثة ، في قصة مشهورة في السيرة النبوية . ومنذ أسلم انقلبت شدته على المسلمين إلى شدة على الكافرين ، ومناوأة لهم ، فأوذي وضرب ، وقد سبقه إلى الإسلام تسعة وثلاثون صحابيا فكان هو متمما للأربعين ، وقد استجاب الله به دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم إذ قال : " اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك : أبي جهل بن هشام أو عمر بن الخطاب " رواه الترمذي

فكان إسلامه دون أبي جهل ، دليلاً على محبة الله له ، وكرامته عنده .

صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم

كان في صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم مثال المؤمن الواثق بربه ، المطيع لنبيه ، الشديد على أعداء الإسلام ، القوي في الحق ، المتمسك بما أنزل الله من أحكام . شهد المعارك كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأثنى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بما يدل على عظيم منزلته عنده ، وبلائه في الإسلام . ومما ورد فيه قوله : " إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه ، وفرق الله به بين الحق والباطل " رواه الترمذي

وكان ذا رأي سديد ، وعقل كبير ، وافق القران في ثلاث مسائل قبل أن ينزل فيها الوحي .

كان من رأيه تحريم الخمر فنزل تحريمها بقوله تعالى :

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

وكان من رأيه عدم قبول الفداء من أسرى بدر، فنزل القرآن مؤيدا رأيه ، كما أشار على النبي باتخاذ الحجاب على زوجاته أمهات المؤمنين فنزل القرآن بذلك . ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جزع لذلك جزعا شديداً ، حتى زعم أن رسول الله لم يمت ، وأنه ذهب يناجي ربه ، وسيعود إلى الناس مرة أخرى ، وأعلن أنه سيضرب كل من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات .

وهكذا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمثل الشدة على أعداء الله من مشركين ومنافقين ، وكان إذا رأى أحداً أساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل ، قال لرسول الله : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق . . وقد شهد له رسول الله بالجنة ، وهو أحد العشرة المبشرين بها ، وحسبه شرفاً ومكانة عند الله أن رسول الله توفي وهو عنه راض .

في خلافة أبي بكر

وكان عمر في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وزير صدق ، ومساعد خير، به جمع الله القلوب على مبايعة أبي بكر يوم اختلف الصحابة في سقيفة بني ساعدة ، وكان إلهاما موفقا من الله أن بادر عمر إلى مبايعة أبي بكر، فبادر الأنصار والمهاجرون بعد ذلك إلى البيعة . ولقد كان أبو بكر أجدر الصحابة بملء هذا المكان الخطير ، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل لقد علم الصحابة جميعا ، أن الرسول حين استخلف أبا بكر على الصلاة إنما أشار بذلك إلى أهليته للخلافة العامة ، ولكن فضل عمر في مبايعة أبي بكر ، إنما كان في حسم مادة الخلاف الذي كاد يودي بوحدة المسلمين ، ويقضي على دولة الإسلام الناشئة .

وكانت شدة عمر في حياة النبي عليه السلام ، هي في حياة أبي بكر ... فأبو بكر كان رجلا حليماً تملأ الرحمة برديه ، ويغلب الوقار والعفو على صفاته كلها ، فكان لا بد من رجل قوي الشكيمة كعمر ، يمزج حلم أبي بكر بقوة الدولة ، وهيبة السلطان ... فكان عمر هو الذي قام هذا المقام ، واحتل تلك المنزلة ، ولذلك كان أبو بكر يأخذ برأيه ، ويعمل بقوله . أمر أبو بكر يوما بأمر فلم ينفذه عمر، فجاءوا يقولون لأبي بكر : والله ما ندري : الخليفة أنت أم عمر ؟ فقال أبو بكر : هو إن شاء ! …

وتلك لعمري نفحة من نفحات العظمة الإسلامية التي أرادها الله بشير خير للمسلمين وللعالم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم … عمر يقول لأبي بكر يوم السقيفة : أنت أفضل مني ، وأبو بكر يجيبه بقوله : ولكنك أقوى مني . . فيقول عمر لأبي بكر : إن قوتي مع فضلك .. وبذلك تعاونت العظمتان في بناء صرح الدولة الإسلامية الخالد ... فضل أبي بكر وحلمه وعقله وحزمه ، مع قوة عمر وباسه وشدته وهيبته .

عمر في الخلافة

ويتولى عمر الخلافة ، وهي أشد ما تكون حاجة إلى رجل مثله ، المسلمون يشتبكون في حروب طاحنة مع فارس والروم ، والبلاد الإسلامية التي فتحت تحتاج إلى ولاة أتقياء أذكياء ، يسيرون في الرعية سيرة عمر في حزمه وعفته وعبقريته في التشريع والإدارة ، والعرب الفاتحون قد أقبلت عليهم الدنيا فهم منها على خطر عظيم ، أن يركنوا إليها ، ويملوا حياة الجهاد والكفاح ، و يعبوا من لذائذها وزينتها وترفها ...

تولى عمر الخلافة فسجل أروع الآثار في تاريخ ا لإسلام :

** أتم ما بدأ به أبو بكر من حرب فارس والروم ، فانتهت باستيلاء المسلمين على مصر والشام والعراق ومملكة فارس .

** نظم جهاز الدولة ، فدون الدواوين ، وفرض الأعطيات ، وجبى خراج الأراضي المفتوحة بأعدل طريق ، وأقوم سياسة ، وواجه حاجات الدولة الإسلامية في الأنظمة والقوانين ، بأعظم عبقرية تشريعية عرفها تاريخ الإسلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

** حكم البلاد المفتوحة بيد تجمع بين القوة والرحمة ، وبين الرفق والحزم ، وبين العدل والتسامح ، فكان حكم عمر مضرب الأمثال في ذلك ، في تواريخ الأمم كلها ، وقل أن عرفت الإنسانية حاكما مثله خلده التاريخ بعدله ورحمته .

أبرز نواحي عظمته

الدفاع عن العقيدة

فلقد كان عمر شديد الوطأة على المسلمين حين كان يعتقد بطلان دينهم ، وأنهم مرتدون عن عقيدته وعقيدة العرب يومئذ ، فما كان يترك وسيلة للدفاع عن عقيدته الوثنية ، وإيذاء المسلمين في دينهم الجديد إلا سلكها، حتى إذا أسلم عمر، بدا في حماسة لعقيدته الجديدة ، أشد مما بدا فيه في الدفاع عن عقيدته الموروثة ، وقف بعد إسلامه على رؤوس قريش ، وهم بفناء الكعبة ، ثم أعلن بصوته الجهوري أنه قد صبا عن دينه القديم إلى الإسلام .

وكان المسلمون يُستخفون في إسلامهم - فسار إليه الناس يضربونه ويضربهم ، حتى قام إليه خاله أبو جهل ، فأجاره ، فانكشف الناس عنه . ولكنه رأى المسلمين يضربون فقال : ألا يعيبني ما يصيب المسلمين ؟ ثم جاء إلى خاله ، فرد عليه جواره ، فعاد الناس إليه يضربونه ويضربهم ، حتى أعز الله الإسلام .

شدته في الحق

لم يكن يرى في سلوك طريق الحق هوادة ولا ليناً ، ولا يرى أن يجامل في سبيله صديقا ولا قريبا …

كان رأيه في أسرى بدر أن تقطع رقابهم ، وهم أشراف قريش وزعماؤها ، لما كان يرى في ذلك من إرهاب الشرك وأهله ، وعقوبة أعداء الله وأعداء رسوله .

ولم يرض يوم صلح الحديبية بالشروط التي وافق عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ، ورأى فيها مهانة للمسلمين وضعفاً ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل ! قال : " بلى " قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال : " بلى ؟ " قال : فعلام نعطى الدنية في ديننا ؟ أنرجع ولمَّـا يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال الرسول : " يا ابن الخطاب ! إني رسول الله ، ولن يضيعني الله أبدا ". فانطلق عمر إلى أبي بكر، فقال له مثل ما قال للرسول صلى الله عليه وسلم ، فأجابه أبو بكر بمثل ما أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم .

وغضب مما فعل خالد بن الوليد ، حين تزوج امرأة مالك بن نويرة في حروب الردة ، وأوقع في قومه القتل ، مع إعلانهم أنهم على الإسلام ، وما زال يحرض أبا بكر على الاقتصاص من خالد وعقوبته ، حتى أسكته أبو بكر بقوله : اكفف لسانك عنه يا عمر ، تأوَّل خالد فأخطأ ، و إني لن أغمد سيفا سنه الله على المشركين .

خضوعه للقيادة

ومع ما كان عليه من الشدة فيما يعتقد أنه حق ، فلقد كان شديد الخضوع للقيادة حين تحزم أمرها ، ولو كان مخالفاً لرأي عمر . ومع ما رأيتموه في موقف عمر يوم صلح الحديبية من شدة وغضب ، فلقد خضع أخيرا لقائده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو رضي بما رضي ...

وقولوا مثل ذلك في موقفه من خالد ، فما هو إلا أن رأى أبا بكر يعذر خالداً فيما صنع ، حتى كف عنه لسانه وسكت . وها نحن أولاء نراه يجادل أبا بكر في حرب المرتدين ، هو يرى أن لا يحاربهم المسلمون ، وأبو بكر يرى وجوب محاربتهم ، فلما رأى عمر تصميم قائده أبي بكر على القتال ، كان أول من أطاع ولبى .

الرحمة بالشعب

ومع هذه الشدة التي رأيتموها من عمر في الحق ، كانت له رحمة بالشعب ، من ضعفاء ، وفقراء ، وعطف على الرعية ، قل أن نجد له مثيلا في التاريخ . ولما خاف المسلمون من أن يشتد عليهم في ولايته ، خطب فيهم فكان مما قاله : اعلموا أن تلك الشدة قد أضعفت ، ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين ، فأما أهل السلامة والدين والقصد ، فأنا ألين لهم من بعضهم لبعض ، ولست أدع أحدا يظلم أحدا أو يتعدى عليه ، حتى أضع خده على الأرض ، وأضع قدمي على الخد الآخر حتى يذعن بالحق ، وإني بعد شدتي تلك أضع خدي على الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف .

تلك هي رحمة عمر، رحمة القوي الحازم العادل ، بمن يستحق الرحمة ، رحمة الحاكم الناصح لأمته ودينه ، وبذلك كان يعُس في الليل والناس نيام ، يتفقد المنقطعين والمعوزين والبائسين . . ولعلكم جميعا تعرفون قصته مع المرأة التي كانت تدق لأطفالها الجياع على الحصى ، وتوهمهم أنها تطبخ لهم ، حتى يسكتوا ويناموا ... حتى إذا جاء عمر ورأى ما رأى حمل بنفسه الطحين والسمن ، وطبخ بيده الطعام ، وأطعم الأولاد حتى شبعوا ولعبوا ...

ولعل أروع مآثر عمر في الرحمة بالشعب ، موقفه عام الرمادة ، وقد كان ذلك في سنة 18هـ ، إذ أصاب الناس في الحجاز قحط عظيم دام تسعة أشهر ، حتى كانت الوحوش تأوي إلى الناس ، وكان الناس يحفرون نفق اليرابيع والجرذان ، ليأكلوا ما فيها من حشرات ، واستغاث عمر بولاة الأمصار أن يمدوه بالميرة والطعام ، ففعلوا ، وكانت سنة أصاب عمر من همها وبلائها وحزنها ما نحل معه جسمه ، واسود لونه ، حتى قالوا : لو لم يرفع الله المحل وعام الرمادة ، لظننا أن عمر يموت هما بأمر المسلمين …

ولقد كان يؤتى إليه من الأمصار بقوافل الطحين والسمن واللحوم ، فيفرقها على المسلمين ، ما يأكل منها شيناً ، وإنما كان يأكل الزيت والخبز الأسود ، وكان يقول : لقد آليت على نفسي ألا آكل السمن واللحم حتى يشبع منهما المسلمون جميعاً ...

يقظته في إدارة الدولة

كان عمر شديد المراقبة لعماله ، دقيق الاختيار لولاة الأمصار، وكانت الكفاءة عنده هي أساس تولية العمل ، من غير نظر إلى شيء آخر من عبادة أو زهد ، كان يقول : أريد رجلاً ، إذا كان في القوم وليس أميرهم ، كان كأنه أميرهم ، وإذا كان أميرهم ، كان كأنه رجل منهم ، كان يستعمل رجالا مثل عمرو بن العاص ، ومعاوية بن أبي سفيان ، والمغيرة بن شعبة ، ويدع من هو أفضل منهم مثل عثمان وعلي وطلحة والزبير ؟ لأن أولئك كانوا أقدر على العمل ، وأحسن قياما به ، وأكثر هيبة له من هؤلاء . وكان إذا استعمل رجلاً على عمل ، كتب عليه كتاباً ، وأشهد عليه رهطا من المهاجرين والأنصار ، لم إذا بعث عماله إلى الأمصار قال لهم : إني لم أبعثكم جبابرة ، ولكن بعثتكم أئمة ، فلا تضربوا المسلمين فتذلوهم ، ولا تجمروهم فتفتنوهم ـ أي لا تطيلوا أمد إقامتهم في الحرب بعيدين عن أهلهم ونسائهم ـ ولا تمنعوهم فتظلموهم .

ومن قوله رضي الله عنه : إني لأتحرج أن أستعمل الرجل ، وأنا أجد أقوى منه . وكان يعقد في كل سنة مؤتمرا لعماله في موسم الحج ، ليسألهم عن أحوال البلاد وشؤونها ، وسير الإدارة فيها .

وكان علمه بمن بعد عنه من عماله ورعيته ، كعلمه بمن قرب منهم ، حتى أن عماله وأمراءه وقضاته ، كانوا يعتقدون في قرارة أنفسهم أن عين عمر لا تفارقهم ، وأنه يعلم من أخبارهم صغيرها وكبيرها .

وكان له مفتشون ينزلون الأمصار على غير علم من ولاتها ، فيستقصون سيرة الولاة وأحوالها من أفواه الشعب ، ويرونه بأعينهم وبذلك استقام الأمر في الدولة الإسلامية في عهد عمر ، على خير ما يرجو عمر من عدل ونَصَفَـة وسعادة للناس أجمعين .

عبقريته في التشريع

كان عمر رضي الله عنه فقيها في دين الله ، بعيد الغور في فهم أسرار التشريع ، حاد الذهن في استنباط معاني التنزيل وأحكامه . أسقط سهم المؤلفة قلوبهم وقال لهم :

لقد كان يعطيكم رسول الله والإسلام يومئذ ضعيف ، وأما الآن فقد أعز الله الإسلام ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، وأسقط حد السرقة عام المجاعة بشبهة الجوع الحاملة على ذلك . وكان يحرر العبيد حين يشكون إليه ظلم أسيادهم ، وتعذيبهم لهم .

وهكذا كان رأس مدرسة في الصحابة ثم التابعين وأئمة الاجتهاد من بعدهم ، عرفت بمدرسة أهل الرأي . وكان لها أثر كبير في الفقه الإسلامي وتيسيره للناس .

رحم الله عمر وأرضاه ، وجزاه عن الإسلام كفاء ما قدم من جهد، وبذل من نصح ، وأقام للحق والعدل والحضارة من أسس قويمة ، وقواعد راسخة .

من كلماته الخالده

** قال يوم ولي الخلافة : إن الله ابتلاكم بي ، وابتلاني بكم ، وأبقاني فيكم بعد صاحبي ، فلا والله لا يحضرني شيء من أمركم فيليه أحد دوني ، ولا يتغيب عني فالو فيه عن أهل الصدق والأمانة ، ولئن أحسنوا لأحسنن إليهم ، ولئن أساءوا لأنكلن بهم .

** لكم على أن لا ألقيكم في المهالك ، ولا أحجركم في ثغوركم ، وإذا غبتم في البعوث ، فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم .

** كتب إلى الأمصار بعد عزل خالد: إني لم أعزل خالداً عن سخطة ولا عن خيانة ، ولكن الناس فتنوا به ، فخشيت أن يوكلوا إليه ويبتلوا ، فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع وأن لا يكونوا بعرض فتنة ، ـ أي معرضين للفتنة بخالد ـ

** وكتب إلى سعد حين ولاه حرب العراق : لا يغرنك من الله أن قيل : خال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصاحب رسول الله ، فإن الله عز وجل لا يمحو السيئ بالسيئ ، ولكنه يمحو السيئ بالحسن ، فإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا طاعته ، فالناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء ، الله ربهم ، وهم عباده ، يتفاضلون بالعافية ، ويدركون ما عنده بالطاعة

** قال يوم ولي الخلافة : إن الله ابتلاكم بي ، وابتلاني بكم ، وأبقاني فيكم بعد صاحبي ، فلا والله لا يحضرني شيء من أمركم فيليه أحد دوني ، ولا يتغيب عني فالو فيه عن أهل الصدق والأمانة ، ولئن أحسنوا لأحسنن إليهم ، ولئن أساءوا لأنكلن بهم .

** لكم على أن لا ألقيكم في المهالك ، ولا أحجركم في ثغوركم ، وإذا غبتم في البعوث ، فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم .

مع عمر بن الخطاب

أول خطبة له

اقرؤوا القران تعرفوا به ، واعملوا به تكونوا من أهله ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، وتزينوا للعرض الأكبر، يوم تعرضون على الله لا تخفى منكم خافية . إنه لم يبلغ حق ذي حق أن يطاع في معصية الله ، ألا وإني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم ، إن استغنيت عففت وإن افتقرت ، أكلت بالمعروف .

ومن خطبة له

أيها الناس ، إن بعض الطمع فقر ، وإن بعض اليأس غنى ، وإنكم تجمعون ما لا تأكلون ، وتأملون ما لا تدركون ، وأنتم مؤجلون في دار غرور، كنتم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤخذون بالوحي ، فمن أسر شيئا أخذ بسريرته ، ومن أعلن شيئا أخذ بعلانيته ، فاظهروا لنا أحسن أخلاقكم ، والله أعلم بالسرائر، فانه من أظهر لنا شيئا وزعم أن سريرته حسنة لم نصدقه ، ومن أظهر لنا علانية حسنة ظننا به حسنا ، واعلموا أن بعض الشح شعبة من النفاق ، فأنفقوا " خيراً لأنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ " أيها الناس أطيبوا مثواكم ، وأصلحوا أموركم ، واتقوا الله ربكم .

امنعوا نفوسكم

اقدعوا ـ كفوا ـ هذه النفوس عن شهواتها ، فإنها طلعة ـ تكثر التطلع ـ وإنكم لا تقدعوها ، تنزع بكم إلى شر غاية . إن هذا الحق ثقيل مريء " حميد العاقبة " ، وإن الباطل حفيف وبيء " وخيم العاقبة " وترك الخطيئة خير من معالجة التوبة ، ورب نظرة زرعت شهوة ، وشهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً .

ليس بين الله وبي!ن أحد نسب

أوصى سعدا حين أرسله لحرب العراق فقال : يا سعد سعد بني وهيب ، لا يغرنك من الله أن قيل خال رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب رسول الله ، فإن الله عز وجل لا يمحو السيئ بالسيئ ، ولكنه يمحو السيئ بالحسن ، فإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا طاعته . فالناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء ، الله ربهم وهم عباده ، يتفاضلون بالعافية ، ويدركون ما عنده بالطاعة ، فانظر الذي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم منذ بعث إلى أن فارقنا فالزمه ، فإنه الأمر .

السر والعلانية

ومما أوصاه به : عود نفسك ومن معك الخير واستفتح به ، واعلم أن لكل عادة عتاداً ـ أي عدة ـ فعتاد الخير الصبر، فالصبر الصبر على ما أصابك أو نابك يجتمع لك خشية الله ، واعلم أن خشية الله تجتمع في أمرين : في طاعته واجتناب معصيته ، وإنما أطاعه من أطاعه ببغض الدنيا وحب الآخرة ، وعصاه من عصاه بحب الدنيا وبغض الآخرة ، وللقلوب حقائق ينشئها الله إنشاء ، منها السر ومنها العلانية ، فأما العلانية فأن يكون حامده وذامه في الحق سواء ، وأما السر فيعرف بظهور الحكمة من قلبه على لسانه وبمحبة الناس ، فلا تزهد في التحبب ، فإن النبيين قد سألوا محبتهم وإن الله إذا أحب عبداً حببه ، وإذا أبغض عبداً بغضه ، فاعتبر منزلتك عند الله بمنزلتك عند الناس ممن يشرع معك في أمرك .

الذنوب أخوف على الجيش من العدو

وكتب إلى سعد ومن معه من الأجناد : أما بعد ، فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال ، فان تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب . وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسا من المعاصي منكم ، ومن عدوكم ، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم ، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم الله ، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة؟ لأن عددنا ليس كعددهم ، ولا عدتنا كعدتهم ، فان استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة ، وان لا ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا ، فاعلموا أن عليكم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون فاستحيوا منهم ، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله ، ولا تقولوا إن عدونا شر منا فلن يسلط علينا وإن أسانا، فرب قوم سلط عليهم شر منهم ، كما سُلط على بني إسرائيل ـ لما عملوا بمساخط الله ـ كفار المجوس " فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا " الإسراء ، واسألوا الله العون على أنفسكم ، كما تسألونه النصر على عدوكم .أسال الله ذلك لنا ولكم .

( أقول ) وهذا الكتاب مما يجب أن يحفظه كل داعية إلى الله عز وجل ، ومما يجب أن يتنبه لما فيه كل زعيم وقائد ، ألا ليت الذين يجتمعون الآن في جامعة الدول العربية، و يبحثون عن سلاح ليخوضوا به معركة الدفاع عن بلادهم ، ليتهم قرؤوا هذا الكتاب وعملوا به ، إذا لأيقنوا أن السلاح الروحي والخلقي للأمة والجيش ، تجب العناية به قبل العناية بالسلاح المادي .

إن عمر يصرخ ـ في هذا الكتاب ـ من عالم الخلود بهؤلاء الذين يريدون أن يتسابقوا مع إسرائيلح ، حتى يكونوا أقوى منها عدة ... يصرخ بهم ويقول : لا تنسوا السلاح الذي هزمنا به كسرى وقيصر، وهما أعز من شاريت وابن غوريون ، وفتحنا به الشام والعراق ، وقد كانا يومئذ أمنع من إسرائيل اليوم ...

لا تنسوا سلاح الطاعة والتقوى ...

لا تنسوا أن تنتصروا على أنفسكم وشهواتكم وأحقادكم وطغيانكم ، قبل أن تحاولوا النصر على عصابات إسرائيل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سيرينا
عضو ذهـبـي



عدد المساهمات : 448
نقاط : 840
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 07/09/2009

الخلفاء الراشدين Empty
مُساهمةموضوع: عثمان بن عفان   الخلفاء الراشدين Icon_minitime1الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 12:57 am

عثمان بن عفان

تاريخه في سطور

ولد في العام الخامس لحادثة الفيل .

كان خامس خمسة آمنوا بالإسلام .

كان عمره حين توفي الرسول صلى الله عليه وسلم ثمانياً وخمسين سنة .

تفرد من بين الصحابة بزواجه من ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاتهما في حياته .

ومن أعماله الخالدة جمعه الناس على مصحف واحد بقراءة واحدة .

تولى الخلافة في غرة المحرم عام 24 هـ .

كان عمره حين تولى الخلافة سبعين سنة .

استشهد في 18 من ذي الحجة عام 35 هـ .

كان عمره حين استشهد اثنتين وثمانين

مدة خلافته اثنتا عشرة سنة إلا ثمانية أيام . .

دفن ليلا بعد أن منع البغاة تشييع جثمانه ، وكان دفنه بالبقيع في مكان اشتراه بنفسه وأضافه إليه .

تزوج ثمانيا من النسوة توفي عن أربع منهن وهن : فاختة ، وأم البنين ، ورملة ، ونائلة .

كان له تسعة أبناء وثماني بنات : عبد الله ا لأكبر ، وعبد الله ا لأصغر ، وعمرو ، وعمر ، وخالد ، والوليد ، وسعيد ، وعبد ا لملك . .

اسمه

هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي القرشي .

مولده

ولد في السنة الخامسة من ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان عمره حين البعثة خمسا وثلاثين سنة .

صفته

كان مربوعا ، حسن الوجه ، رقيق البشرة، أسمر، وافر اللحية، أصلع ، عظيم الكتفين .

اسلامه

كان في جاهليته عفا، كريماً ، مستقيما في خلقه ، معروفا بعقله ورجاحة رأيه ، فما دعاه أبو بكر إلى الإسلام حتى استجاب للدعوة ، وأعلن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلامه ، فكان من أوائل السابقين إلى الإسلام . ولما علم عمه الحكم بإسلامه ، أوثقه كتافاً وقال له : ترغب عن دين آبائك إلى دين مستحدث ؟ والله لا أحلُّـك حتى تدع ما أنت عليه ! فقال عثمان : والله لا أدعه ولا أفارقه . فيئس عمه منه وتركه وشانه .

مع الرسول صلى الله عليه وسلم

وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مثال المؤمن المخلص الذي وهب لله ولرسوله نفسه وحياته وراحته . زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إسلامه بقليل بنته رقية ، ثم هاجر معها إلى الحبشة مع عشرة من الرجال وخمس من النسوة . ثم عاد منها إلى مكة قبل الهجرة . ثم كان فيمن هاجر إلى المدينة مع زوجه ، ولازم رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاركه ومجالسه كلها ، لم يغب إلا عن بدر، إذ مرضت زوجته رقية، فأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم بالبقاء عندها لتمريضها. وقد أسهم له الرسول صلى الله عليه وسلم في غنائم بدر كمن شهدها . ولما خرج الرسول إلى غزوة غطفان استخلفه على المدينة حتى رجع . وقد توفيت زوجته في عام أحد، فزوجه الرسول صلى الله عليه وسلم بنته الثانية أم كلثوم ، وبذلك سمي (ذا النورين ). وقد كان في غزوة الحديبية رسول النبي صلى الله عليه وسلم إلى قريش ليؤكد لهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يريد حربا ، لي انما يريد ومن معه من المسلمين زيارة البيت الحرام ، فحبسته قريش ، وأشيع في المسلمين أنه قتل ، فصمم الرسول صلى الله عليه وسلم على مناجزتهم الحرب ، ودعا المسلمين إلى البيعة على الموت في سبيل الله . وقد مد الرسول صلى الله عليه وسلم إحدى يديه وقال : هذه يد عثمان ، وضرب بها يده الأخرى كمن يبايع . وفي غزوة تبوك كانت له اليد الطولى في تجهيز الجيش والإنفاق عليه ، ولم يفارق رسول صلى الله عليه وسلم الدنيا إلا وقد شهد له بالجنة ، وأصبح معدودأ من كبار الصحابة، الذين أسهموا مع النبي صلى الله عليه وسلم بأموالهم وجهودهم في نشر الدين وتثبيت دعائمه .

مع أبي بكر وعمر

وكان في حياة أبي بكر وعمر من كبار رجال الدولة الذين يستشارون في الملمات ، ويعتمد عليهم في الحوادث ، ولم يضن عليهما، ولا على الدولة بمعونة ولا تأييد مادي أو معنوي ، حتى آلت إليه الخلافة بعد مقتل عمر رضي الله عنه .

في خلافته

بويع بالخلافة من بين ستة من كبار الصحابة عينهم عمر للخلافة . واستمر في خلافته ستة أعوام ، نعم فيها المسلمون بالأمن والاستقرار، وتوالي الفتوح ، واتساع رقعة الدولة . ففي عهده فتحت الخزر ( الترك ) وتوغل المسلمون في خراسان وقهستان وطخارستان ، وافتتحوا تفليس وقبرص . وفي عهده أنشئ أول أسطول بحري للمسلمين . وتوالت انتصارات المسلمين في البحر، حتى أصبحت الدولة الإسلامية دولة بحرية . ثم ابتدأت الفتنة ، واضطرب أمر المسلمين ست سنوات أخرى من خلافته ، لم تنته إلا بمصرعه شهيدا في بيته على يد نفر من الأشقياء من زعماء الفتنة .

ابتدأت الفتنة بدسائس اليهودي الأثيم عبدالله بن سبا الذي تظاهر بالتشيع لعلي ، والانتقاص من عثمان ، وأخذ ينشر الأكاذيب عن سياسته وأعماله . وقد وجد في دهماء الأمصار الكبرى ، الكوفة والبصرة ومصر، مرتعا لترويج أكاذيبه . وقد استجاب للفتنة رؤوس الشر من طالبي الزعامة، وحديثي العهد بالإسلام ، ممن لم يعرفوا قدر عثمان ، ولم يشهدوا بلاءه في الدعوة، وسبقه إلى اعتناقها، ورضى رسول الله صلى اللع عليه وسلم عنه ، وشهادته له بالجنة . وهكذا تعاون الدس اليهودي ، مع الطمع الدنيوي ، مع طيش الشباب ، ونسيان آداب الإسلام مع أولي الأمر، وكبار صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وقدماء الدعاة إلى الله ، تعاون كل ذلك على إيجاد الفتنة الكبرى التي ابتدأت بقتل الخليفة الصحابي الجليل ، وهو فوق الثمانين من عمره ، ثم انتهت إلى تفريق كلمة المسلمين ، وتمزيق وحدتهم ، وتفريقهم إلى شيع وأحزاب ، كل حزب بما لديهم فرحون .

ولقد أحكموا أسباب الفتنة، حتى أحاطت بالخليفة المظلوم من كل جانب ، فأثاروا أولاً دهماء الناس في الأمصار على ولاتهم ، ليضطرب الأمن ، وتنتشر الفوضى، ثم أخذوا يكتبون إلى أهل كل مصر من الأكاذيب من سوء أوضاع البلد الآخر، ما يجعل الذين يسمعون هذه الأخبار، يعتقدون أن الظلم والفوضى والاضطهاد ضارب أطنابه في ذلك المصر، ثم يحملون تبعة ذلك كله على عثمان ، أمير المؤمنين ، حتى إذا بلغوا غايتهم من تهييج الدهماء ، تواعدوا باسم الحج على الحضور إلى المدينة، مقر الخليفة، لمحاصرتها، لم و إنفاذ جريمتهم التي بيتوها . وجاء أوشاب مصر والكوفة والبصرة، كل من طريق غير طريق الآخر، حتى أحاطوا بالمدينة، فخرج إليهم علي رضي الله عنه ، وناقشهم ، فابطل حججهم ، وبين لهم ما يفترون على الخليفة ، وما يتجاوزون فيه الحق ، فتظاهروا بالاقتناع بحيث عاد علي إلى المدينة، واطمأن الصحابة إلى انتهاء الفتنة . ولكنهم سرعان ما فاجئوا المدينة بالليل ، واحتلوها ، وانتشروا في أرجائها، يعلنون الثورة على خليفة المسلمين ، وناقشهم عثمان فيما زعموا من أسباب ثورتهم ، وتبين له أن ليس فيها سبب واحد يدعو إلى شق عصا الطاعة ، ولكم الكيان الإسلامي وتوهينه .

فقد أخذوا على عثمان أنه أتم الصلاة في منى، وقد كان رسول الله ! وصاحباه يقصران فيها، فأجابهم : إني قدمت بلداً فيه أهلي ، وان في الحج من هم حديثو العهد بالإسلام ، فخشيت أن يظنوا أن الصلاة في منى تكون ركعتين دائماً ، فأتممت لهذين الأمرين . ثم سألهم : أليس كذلك ؟ قالوا : بلى .

وأخذوا عليه أنه أخذ بعض المراعي المملوكة لأصحابها، فحماها ، وأباحها لإبل بيت المال ، وغنم المسلمين ، فأجابهم بأنه فعل ذلك لمصلحة المسلمين ، لا لمصلحته هو، فليس له ثاغية ولا راغية. ولقد ولي الخلافة وهو أكثر العرب بعيرا، ثم هو اليوم ليس له شاة ولا بعير، إلا بعيرين يحتاجهما في حجه . . . ثم سألهم : أليس كذلك ؟ قالوا : بلى .

وأخذوا عليه أنه جمع القران في مصحف ، وقد كان في مصاحف متعددة . ولعمري لو لم يكن لعثمان من مأثرة في التاريخ إلا جمع الناس على مصحف واحد ، وقراءة واحدة لكفى ، ولكن الحقد والجهل قلبا مأثرته الخالدة إلى نقيصة. . . وقد قال لهم في جوابه : إن القرآن واحد ، جاء من عند واحد ، و إنما أنا في ذلك تابع لمن تقدمني ، وهو أبو بكر، وسألهم : أليس كذلك ؟ قالوا: بلى .

وأخذوا عليه أنه استعمل الشباب الأحداث في الوظائف والولايات ، فأجابهم بأنه لم يستعمل منهم إلا مجتمعا محتملاً مرضيَّاًً وهؤلاء هم أهل عملهم وبلادهم ، فسلوهم عنهم ، ولقد استعمل رسول الله في صلى الله عليه وسلم أسامة ، وهو شاب على كبار المهاجرين والأنصار ثم سألهم : أليس كذلك ؟ قالوا: بلى .

وأخذوا عليه استعماله لبعض أقربائه ، فأجابهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استعمل بعض أقربائه ، وما يضر الحاكم أن يتولى أقرباؤه الحكم ، إذا كانوا على خير واستقامة وصلاح .

وهكذا ألزمهم عثمان الحجة ، ولو كانوا يريدون في ثورتهم الحق لاستمعوا إليه ، ونزلوا عنده ، ولكنهم طلاب إمرة ـ كما قال عثمان ذلك عنهم في بعض خطبه - ورواد فتنة ، وحديثو عهد بالإسلام ، أغراهم الشيطان بالشر، بحجة إنكار الظلم ، وطلب الإصلاح ، فظلموا الأمة وأفسدوا الدولة، وفتقوا في الإسلام فتقاً لم يرتق بعد . وأحاطوا بالخليفة ، فحصروه في بيته ، ومنعوه من حضور المسجد، وحبسوا عنه الطعام والماء ، وهو يناشدهم الله أن يذكروا صحبته لرسوله ، وبلاءه في الإسلام ، وإنفاقه أمواله في سبيل الله .

وما كان لمثل هؤلاء البغاة أن تهزهم سابقة عثمان ولا تضحياته ، وهم لم يكن لهم شرف السبق إلى الإسلام ، فيعرفوا للسابقين فضلهم ، ولا كانوا أهل تضحية وانفاق ، ليذكروا للمنفقين أياديهم ، وحسن صنيعهم .

واستمروا في حصار البيت ، والخليفة يمنع أحدا من أن يقاومهم بالسلاح ؟ لئلا يكون سفك دماء المسلمين على يده . وأصروا على أن يتنازل عن الخلافة، فأبى أن ينزع ثوبا ألبسه الله إياه ، أو يفرط في أمانة المسلمين في عنقه ، وهم حفنة من البغاة ، لا يمثلون جماعة المسلمين ، ولا يعبرون عن آرائهم .

واستنجد الخليفة بالأمصار، وخشي الثائرون أن تأتيه النجدات ـ وقد تحركت فعلا من البصرة والشام ـ فينكشف أمرهم ، وتخذل حركتهم ، فتسوروا على عثمان البيت ، وأحرقوا الأبواب ، وتقدم بعض أشقيائهم فضربه على رأسه ، وهو يتلو كتاب الله . وأرادت زوجته الوفية البارة " نائلة " ، أن تحول دون ضربة السيف بيدها فتقطعت أصابعها ، ثم هجم عليه شقي آخر فأمسك بلحيته واحتز رأسه ، كما يحتز الجزار الشاة، وصعدت إلى الله روح الخليفة المظلوم ، تلعن دعاة الفتنة بلسان اثنين وثمانين عاما ، كان كل يوم فيها أكرم على الله ، وأبر بالإسلام ، من أعمار هؤلاء الأشقياء جميعا.

ولم يكتف الأشقياء بجريمتهم ، بل انتهبوا ما في البيت من أثاث ، ثم أتوا إلى بيت المال فانتهبوه كله ، وشاع في المدينة قتل الخليفة ، وكان ذلك لثماني عشرة خلت من ذي الحجة سنة35 هـ ، وكان هذا اليوم طليعة الأحداث المشؤومة في تاريخ الإسلام والمسلمين.. .

وإن مجال العبرة فيما سردناه من أسباب الفتنة ومراحلها ، أن دعاة الشر يلجئون دائماً إلى إثارة الجهال والأحداث باسم الإصلاح ، مع أن الإصلاح ـ لو صلحت نياتهم ـ لا يكون بتمزيق الشمل ، وتصديع الجماعة ، وفتح باب الفتن على مصراعيه ، ليستفيد منها أعداء الإسلام ما يغريهم بالجد في حربه ، ومكايدة أهله .

ومن مجال العبرة أيضا أن الصحابة لو احتاطوا للشر من بدايته ، وحزموا أمرهم على مناصرة الخليفة المظلوم ، لوئدت الفتنة في مهدها ، ولكن كبارهم أخذوا يتفرجون عليها ، وهم ينكرونها في قلوبهم ، ولعل بعضا منهم ممن كان منحرفا عن عثمان ، لم تسؤه هذه الفتنة ، فساعد دعاتها بلسانه ، حين كان يتطاول على الخليفة وينتقده بما لا مجال للطعن فيه ، وما يمكن أن يكون له مخرج حسن ، وزاد في استفحال الشر ووصول المتأمرين إلى أغراضهم ، حلم عثمان وحياؤه ، وإعفاؤه عنهم في بداية الثورة .

وقد أشار عليه كثيرون بان يأخذهم بالشدة فأبى ، ولو استعمل سلطان الله الذي آتاه في تأديب البغاة والخارجين على الجماعة ، لجنب المسلمين نتائج تلك الفتنة العمياء، ولكن عثمان كان حينئذ يشرف على الثمانين ، وقد وهن منه الجسم ، وضعفت الأعصاب ، وأشرف على لقاء ربه . ففضل أن يلقاه مظلوماً ، على أن يلقاه بدماء رجال انتسبوا إلى الإسلام ، وتظاهروا بإقامة شعائره . . .

ويرحم الله عثمان في هذا ، فلقد أنصف نفسه وظلم المسلمين . . وما كان إلا مجتهدا يعمل بما فطره الله عليه من حلم وحياء وسخاء باليد والروح في سبيل الله .

أبرز نواحي عظمته

نقتصر ـ وقد طال الحديث ـ في الكلام عن عظمته رضي الله عنه ، على الناحية البارزة في تاريخه ، وهي سخاؤه العظيم في سبيل الدعوة ، وإنفاقه عليها في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده ، ما جعله يكاد ينفرد بذلك بين عظماء الصحابة .

أنفق على تجهيز جيش العسرة في غزوة تبوك عشرة آلاف دينار وثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها، وخمسين فرساً.

وجهز ثلاثمائة من فقهاء الصحابة ليكونوا في الجيش ، وكان لذلك وقع كبير الأثر في نفس الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أنه قال : "ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم " ثم رفع يديه إلى السماء وقال : " اللهم ارض عن عثمان فإني راض عنه " .

وله مأثرة كبرى في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قال عليه الصلاة والسلام مرة : " من يحفر بئر رومة، فله الجنة " فاشتراها عثمان ، ثم تصدق بها على المساكين ، وكان يستقي منها كما يستقي كل واحد منهم . وفي عام الرمادة ، في عهد عمر، حيث أكل الناس الشجر والدواب من المجاعة ، تصدق بألف بعير عليها المؤونة والطعام وقد جاءه التجار ليشتروها منه فقال : إني بعتها لله وإنها صدقة على المسلمين

مع عثمان رضي الله عنه

اللهم صبرا

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حائط من تلك الحوائط ـ أي في بستان ـ فاستأذن رجل خفيض الصوت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه " . فأذنت له فإذا هو عثمان فبشرته فقال : أسأل الله صبراً .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : اشترى عثمان بن عفان من رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة مرتين ، حين حفر بئر رومة ، وحين جهز جيش العسرة .

أما بئر رومة ، فقد كانت بالمدينة ، اشتراها عثمان رضي الله عنه بخمسة وثلاثين ألف درهم ، وجعلها وقفاً لله عز وجل يستقي منها الناس جميعاً .

وأما جيش العسرة ، فقد كان ذلك في غزوة تبوك ، عندما حث رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس على التبرع للجيش ، فتبرع عثمان بألف بعير وخمسين فرسا عليها أقتابها وأحلاسها ، ثم جاء بعشرة آلاف دينار، فصبَّها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم جهز عشرة من القراء على حسابه ، وفيه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ. . . : " ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم ، اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض "

يفرح حين لا يرى المعصية

أخبر عثمان أن قوما قد اجتمعوا على أمر قبيح ، فخرج إليهم ، فوجدهم قد تفرقوا ، ورأى أثرا قبيحا ، فحمد الله إذ لم يصادفهم ، وأعتق رقبة .

فانظر هذا الفقه في دين الله ، كيف فرح بستر قوم مسلمين دون أن يراهم على معصية الله ، وقارن بين هذا وبين ما يفعله بعض المتدينين الجاهلين من تتبع عورات الناس ، وإشاعة الفاحشة عنهم ، ويلبس الشيطان عليهم بان هذا غضب لله ، ودفاع عن الفضيلة ، حتى ليحرضون على التشهير بمن أشيع عنه السوء ، حسبة لله عز وجل ! وإنا لله من الانحراف في فهم الدين ، كيف يكون أضر على الدين ممن يعصي الله ، وهو يخجل من معصيته ! .

الخوف من الله

قال عثمان : لو أني بين الجنة والنار ، ولا أدري إلى أيتهما يؤمر بي ، لاخترت أن أكون رماداًً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير .

وكان لعثمان عبد فقال له : إني كنت عركت أذنك فاقتص مني ، فاخذ العبد بأذنه . فقال عثمان : اشدد ، يا حبذا قصاص في الدنيا ، لا قصاص في الآخرة .

الحياء من الإيمان

قال عثمان يوم حوصر في الدار: وايم الله ما زنيت في جاهلية ، ولا إسلام ، وما ازددت للإسلام إلا حياء .

المؤمن ينظر بنور الله

دخل رجل على عثمان ، وقد نظر إلى امرأة أجنبية ، فلما نظر إليه عثمان قال : أيدخل علي أحدكم وفي عينيه أثر الزنى فقال له الرجل : أوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟ قال عثمان : لا ، ولكنه قول حق ، وفراسة صديق .

يتاجر مع الله فيربح

قحط الناس في زمن أبي بكر رضي الله عنه ، فقدمت لعثمان ألف راحلة برا وطعاماً ، فغدا التجار عليه فقالوا: بلغنا أنه قدم لك ألف راحلة برا وطعاماً ، بعنا حتى نوسع به على فقراء المدينة ، فقال لهم عثمان : كم تربحوني على شرائي ؟ قالوا : العشرة اثني عشر ، قال : قد زادوني ، قالوا : من زادك ونحن تجار المدينة ؟ قال : زادوني بكل درهم عشرة ! هل عندكم زيادة ؟ قالوا : لا . قال : فأشهدكم معشر التجارة أنها صدقة على فقراء المدينة .

الحاكم المسلم مع شعبه

كان عثمان يطعم الناس طعام الإمارة، ويأكل الخل والزيت ! وقال عبد الله بن شداد : رأيت عثمان يخطب يوم الجمعة وهو يومئذ أمير المؤمنين وعليه ثوب قيمته أربعة دراهم أو خمسة .

ذوق العابد المسلم

كان عثمان لا يوقظ أحداًً من أهله من الليل إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه .

فـانظـــــــر إلى هذا الذوق الإسلامي الرفيع الذي يرى أن العبادة لله تتنافى مع إزعاج الناس أو إرهاقهم ، وقارن بين هذا وبين ما يبدو على كثير من المتعبدين الجاهلين من غلظة وقسوة وإرهاق للناس واستخدام لهم في كل شؤونهم دون حساب لإرهاقهم وأوقاتهم .

عليكم بالجماعة

دخل أبو قتادة ورجل آخر على عثمان وهو محصور فاستأذناه في الحج فأذن لهما ، فقالا له : إن غلب هؤلاء القوم ـ أي دعاة الفتنة ـ مع من نكون ؟ قال : عليكم بالجماعة . قالوا : فإن كانت الجماعة هي التي تغلب عليك ! مع من نكون ؟ قال : فالجماعة حيث كانت .

هذا هو الفقه بدين الله وهذا هو الإسلام الذي حمله صحابة رسول الله لنا، لا كإسلام بعض الناس الذين يفرقون الصفوف وينبذون الجماعة وهم يزعمون أنهم على الحق ، وما آذى الحق شيء كاختلافهم وتمردهم وخداع الشيطان لهم بأنهم وحدهم على الحق والجماعة كلها ضالة منحرفة ، نعوذ بالله من الخذلان وركوب الهوى .

ماذا مال حين ضرب

عن هارون بن يحيى أن عثمان جعل يقول ـ حين ضرب والدماء تسيل على لحيته ـ : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . اللهم إني أستعديك وأستعينك على جميع أموري ، وأسألك الصبر على بليتي

وصية عثمان

لما قتل عثمان شهيدا فتشوا خزائنه فوجدوا فيها صندوقا مقفلا ففتحوه ، فوجدوا فيه ورقة مكتوباً عليها ـ هذه وصية عثمان ـ " بسم الله الرحمن الرحيم … عثمان بن عفان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق ، وأن الله يبعث من في القبور ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد ، عليها يحيا وعليها يموت وعليها يبعث إن شاء الله " .

رضي الله عنه وأرضاه وأثابه .

رحم الله عثمان على بلائه في الإسلام ، وسخائه للدعوة ، وصبره عند المحنة . واستشهاده بأيدي دعاة الفتنة .

من كلماته الخالدة

قال في أول كتاب بعثه إلى عماله في الأمصار:

أما بعد: فان الله أمر الأئمة أن يكونوا رعاة ، ولم يتقدم إليهم أن يكونوا جباة ، ألا وإن أعدل السيرة أن تنظروا في أمور المسلمين ، وفيما عليهم ، فتعطوهم ما لهم ، وتأخذوهم بما عليهم ، ثم تثنوا بالذمة ، فتعطوهم الذي لهم ، وتأخذوهم بالذي عليهم

وكتب إلى الناس في الأمصار يقول لهم :

ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر ، ولا يذل المؤمن نفسه ، فإني مع الضعيف على القوي ، ما دام مظلوماً إن شاء الله .

ومن خطبته في الناس حين نقم عليه البغاة :

في هذا الدين عيَّـابون ظنانون ، يظهرون لكم ما تحبون ، ويسرون ما تكرهون ، طغام مثل النعام يتبعون أول ناعق .

ومن كتابه إلى الناس في الحج قبل اغتياله :

أما بعد : فان أقواماًً ممن كان يقول ني هذا الحديث ، أظهروا للناس أنهم إنما يدعون إلى كتاب الله عز وجل والحق ، ولا يريدون الدنيا ولا منازعة فيها ، فلما عرض عليهم الحق تركوه وأرادوا أن يبتغوا الأمر بغير الحق . طال عليهم عمري ، وراث ـ أبطأ ـ عليهم أملهم بالإمارة فاستعجلوا القدر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سيرينا
عضو ذهـبـي



عدد المساهمات : 448
نقاط : 840
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 07/09/2009

الخلفاء الراشدين Empty
مُساهمةموضوع: علي ابن ابي طالب   الخلفاء الراشدين Icon_minitime1الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 12:59 am

علي بن أبــــي طالب
تاريخه في سطور

أول من أسلم من الصبيان وصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

استخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته ليلة الهجرة ، ووكل إليه رد ودائع المشركين

زوجه الرسول صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة في السنة الثانية من الهجرة

لم يتزوج غير فاطمة حتى توفيت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بستة أشهر

كان عمره حين أسلم عشر سنين ، وحين هاجر ثلاثا وعشرين ، وحين توفي الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وثلاثين ، وحين استشهد ثلاثاً وستين سنة

تولى الخلافة في 25 من ذي الحجة لعام 35 من الهجرة

كانت وقعة الجمل مع عائشة في جمادى سنة 36 هـ

وكانت وقعة صفين مع معاوية سنة 37 هـ

وكانت وقعة النهروان مع الخوارج سنة 38 هـ

واستشهد بالكوفة ليلة 17 من رمضان سنة 40 هـ

كانت مدة خلافته أربع سنين وثمانية أشهر و 22 يوماً

تزوج في حياته تسع نسوة وكانت له أمهات أولاد غيرهن

ولد له تسعة وعشرون ولداً : أربعة عشر ذكوراً ، وخمس عشرة إناثاً

أعقب من أولاده الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وعباس وعمر

اسمه وكنيته

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في جده الأول عبد المطلب . وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية ، تجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في جده الثاني . وهي أول هاشمية ولدت هاشميا

وكنيته أبو الحسن ، وكناه رسول صلى الله عليه وسلم " أبا تراب " ، فكان علي يحب أن ينادى به

مولده

ولد في جوف الكعبة ، في السنة الثانية والثلاثين من ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم

بيئته

كان أبوه أبو طالب أكبر زعماء قريش وشيخ شيوخها ، وله فضل في كف أذى قريش عن النبي صلى الله عليه وسلم في بدء الدعوة . وكان ضيق الحال ، كثير العيال ، فاتفق حمزة والرسول صلى الله عليه وسلم ـ قبل البعثة ـ على أن يخففا عن أبي طالب مؤونة العيال ، فكان علي من نصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتربى في حجره ، ولازمه حتى بعثه الله بالرسالة

صفته

كان أسمر اللون ، أصلع الرأس ، ليس في رأسه شعر إلا من خلفه ، أبيض شعر الرأس واللحية ، أدعج العينين ، عريض المنكبين ، شديد الساعد واليد ، خشن الكفين ، عظيم البطن ، قريباً إلى السمن ، ربعة من الرجال ليس بالطويل ولا بالقصير، حسن الوجه ، ضحوك السن ، إذا مشى تكفأ ، وإذا أمسك بذراع رجل أمسك بنفسه فلم يستطع أن يتنفس

إسلامه

لم يتدنس رضي الله عنه بدنس الجاهلية ، إذ أسلم دون البلوغ ، وأرجح الأقوال : أن عمره حينئذ عشر سنين ، فكان أول من أسلم من الصبيان . رآه أبو طالب في أحد شعاب مكة يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم – وكان ذلك ثاني يوم من الرسالة ـ فقال له أبوه : أي بني : ما هذا الدين الذي أنت عليه ؟ فقال علي : يا أبت ! آمنت برسول الله ، وصدقت بما جاء به ، وصليت معه لله ، واتبعته ! فقال أبو طالب : أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه

مع الرسول صلى الله عليه وسلم

وما زال منذ أن أسلم يبدي من حبه للرسول صلى الله عليه وسلم ، وتفانيه في دعوته ، وتضحيته في سبيلها، ما جعله من أحب الصحابة إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم . استخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم في فراشه ليلة الهجرة ، وجعله أخاه حين آخى بين المهاجرين والأنصار في المدينة ، وشهد المشاهد كلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأبلى فيها البلاء الحسن ، ولم يتخلف عن الجهاد مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلا في غزوة تبوك ، إذ استخلفه على المدينة ، فقال علي : أتخلفني في الصبيان والنساء ؟ فأجابه عليه السلام : " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ إلا أنه لا نبي بعدي " رواه البخاري ، حديث متواتر

وأرسله الرسول صلى الله عليه وسلم بسورة براءة ليقرأها على الناس في موسم الحج في العام التاسع للهجرة ، وكان حامل راية الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر الغزوات واستمر في لزوم رسول الله صلى الله عليه وسلم والتضحية في سبيل الإسلام ، حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد أن زوجه فاطمة ، وبشره بالجنة ، فكان أحد العشرة المبشرين بها

وفضائله كثيرة ، حتى قال الإمام أحمد : لم ينقل لأحد من الصحابة من الفضائل ما نقل لعلي رضي الله عنه

بعد الرسول صلى الله عليه وسلم

ولما استخلف أبو بكر رضي الله عنه ، ورأى إجماع الصحابة على استخلافه بايعه علي عن رضى وطيب نفس ، بعد أن كان يرى أنه أحق بالخلافة . وظل طيلة حياة أبي بكر، نعم العون والوزير، يساهم في إدارة الدولة وتصريف الشؤون بصدق وإخلاص . وكذلك كان مع عمر ، فقد كان له وزير صدق ، حتى زوجه بنته أم كلثوم . وكثيرا ما كان عمر يستخلفه على المدينة إذا غاب عنها. وكان في عهد عمر من كبار رجال الدولة ، الذين تعقد عليهم الآمال ، حتى جعله عمر من الستة الذين يختار منهم الخليفة من بعده . ولما استخلف عثمان بايعه فيمن بايع من جمهور الصحابة ، والتزم نصحه ومؤازرته ، وكان موقفه منه حين ثارت الفتنة، موقف الناصح والمدافع عنه . ولما أطبق الثوار على قصر الخليفة الشهيد، أرسل ولديه الحسن والحسين بسيفيهما، حتى نفذ قضاء الله

في خلافته

بويع بالخلافة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه ، وكانت أيامه فيها فتن ومعارك دامية صرفت المسلمين مؤقتا عن إتمام رسالتهم العالمية بالفتوح التي بدأت في عهد أبي بكر، واستمرت طيلة عهد عمر، وشطرا كبيرا من عهد عثمان ؟ ولذلك لم يتح له أن يتمم الفتوحات ، ويتفرغ للإصلاح والبناء. ولو امتد به الأجل ، وخلا عهده من الفتن ، لكان كعهد عمر، من أزهى عصور التاريخ الإسلامي عدالة واستقامة ويمنا وبركة على الإسلام ، ورحمة للإنسانية . تولى الخلافة والسيوف مسلطة ، والقلوب متغيرة ، ودسائس أعداء الله من يهود وغيرهم تعمل عملها في إيقاد جذوة الفتنة ، وتفريق كلمة المسلمين ، حتى التقى المسلمون وجهاً لوجه في ثلاث معارك كبرى ، وعشرات المعارك الصغرى ، يسفك بعضهم دماء بعض . ومع يقيننا بإخلاصهم جميعا ، واجتهادهم في الحق ، فإننا لا ننكر ما كان لخلافهم من أثر استمر حتى اليوم في توهين قوة المسلمين ، وإضعاف كيانهم ، والتقصير في أداء رسالتهم الإنسانية للعالم قاطبة ، يرحمهم الله ويغفر لهم

ومع هذه الفتن التي أحاطت بخلافته ، فقد كان رضي الله عنه ، شديدا في الحق ، مقيما للعدل ، خاشعا لله ، مجتهدا في نصح الأمة ، يولي الأخيار، ويحاسب المقصرين ، ولا يجامل في الحق أبدا ، ولا يخاف في الله لومة لائم ، زاهدا في الدنيا ، بعيدا عن الترف ، وكما كانت حياته جهادا فقد كان موته استشهادا

أسباب استشهاده

كان قبول علي رضي الله عنه لفكرة التحكيم ـ في موقعة صفين ـ على غير رضى منه ، وكان يرى أن قبول التحكيم بينه وبين معاوية ضعف ، بعد أن كادت ترجح كفته في القتال . ولكن جيشه أجبره على قبول التحكيم . ووقعت الاتفاقية بين الفريقين ، بتحكيم أبي موسى الأشعري ، نيابة عن علي وجيشه ، وتحكيم عمرو بن العاص ، نيابة عن معاوية ومن معه . وانصرف الجيشان من المعركة إلى بلادهم . أما جيش معاوية فقد رجع صفا واحدا ، وقلباً واحداً

وأما جيش علي ، فكانوا كما روى الطبري عن عمارة ابن ربيعة : خرجوا مع علي إلى صفين وهم متوادون أحباء ، فرجعوا متباغضين أعداء ، ما برحوا من عسكرهم بصفين حتى فشا فيهم التحكم " أي إنكار التحكيم "

ولقد أقبلوا يتدافعون الطريق كله ويتشاتمون ، ويضطربون بالسياط . يقول الخوارج : يا أعداء الله أدهنتم في أمر الله وحكمتم ، وقال الآخرون : فارقتم إمامنا ، ومزقتم جماعتنا

فلما دخل علي الكوفة ، فارقته جماعة الخوارج وهم يعلنون كفره ـ وقد كانوا من أشد أنصاره ـ وكفر من معه ؟ لأنه قبـِّل بالتحكيم ، ولا حكم إلا لله عز وجل . وحاول علي أن يقنعهم بالحجة ، فأرسل إليهم ابن عباس ، فحاجَّهم بكتاب الله ، ولزمتهم الحجة ، لولا أن الشيطان يفعل في العابد التقي ما لا يفعله في الفاجر الشقي ، وزين لهم الشيطان خروجهم على الجماعة واستباحتهم دماء إمامهم وإخوانهم ، وتجمعوا في مكان يقال له النهروان ، وأخيرا وقعت الواقعة بينهم وبين علي رضي الله عنه فانكسروا شر انكسار ، وقتل أكثرهم ، وجرح كثير منهم ، وكان ذلك سنة 38 من الهجرة

تدبير المؤامرة

وفي عام 40 هـ اجتمع ثلاثة من الخوارج : وهم عبد الرحمن بن ملجم ، والبرك بن عبد الله ، وعمرو بن بكر التميمي ، فتذاكروا الناس ، وعابوا على ولاتهم ، كما ذكروا جماعتهم أهل النهروان ، وترحموا عليهم وقالوا : ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئاً ، إخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربهم ، والذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم ، فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد وثأرنا بهم لإخواننا

فقال ابن ملجم ـ وكان من أهل مصر ـ : أنا أكفيكم علي بن أبي طالب ، وقال البرك بن عبد الله أنا أكفيكم معاوية بن أبي سفيان ، وقال عمرو بن بكر: أنا أكفيكم عمرو بن العاص . فتعاهدوا وتواثقوا بالله ، لا ينكص رجل منا عن صاحبه الذي توجه إليه ، حتى يقتله أو يموت دونه ، وتواعدوا أن ينفذوا جريمتهم لسبع عشرة تخلو من رمضان ، وأقبل كل منهم على المصر الذي يقيم فيه صاحبه الذي تكفل باغتياله ؟

فأما البرك بن عبد الله ، فقد تربص لمعاوية ليلة السابع عشر من رمضان فلما خرج ليصلي الصبح شذ عليه بسيفه ، فوقع في أليته ، وكان معاوية سميناً ، فلم يؤثر معه وقبض على البرك وقتل .

وأما عمرو بن بكر ، فجلس لعمرو ابن العاص تلك الليلة ، فلم يخرج عمرو ، إذ كان قد اشتكى وجعاً في بطنه ، وخرج بدلاً عنه خارجة بن حذافة ، صاحب شرطته ، فضربه ابن بكر بالسيف ، فقتله ، وقبض الناس عليه ، وهو يظن أنه قتل عمرو بن العاص . فلما مثل بين يديه قال له : والله يا فاسق ما ظننته غيرك . فقال عمرو: أردتني وأراد الله خارجة، ثم أمر بقتله فقتل

استشهاد علي رضي الله عنه

وأما ابن منجم ، فقد نزل الكوفة، فلقي امرأة من تيم الرباب يقال لها قطام ، وقد كان أبوها وأخوها ممن قتل من الخوارج يوم النهروان ، وكانت بارعة الجمال ، ففتن بجمالها ، ونسي الغرض الذي جاء من أجله ـ وهو قتل علي رضي الله عنه ـ ، وقرر أن يخطبها لنفسه ، فلما كاشفها الأمر ، قالت : آليت ألا أتزوج إلا على مهر لا أريد سواه ، فقال : ما هو ؟ قالت : ثلاثة آلاف دينار، وعبد ، وقينة، وقتل علي بن أبي طالب ، فقال لها : لك ما طلبت من المهر ، غير أن قتل علي بن أبي طالب يدل على أنك لا تريدينني ! ، وإنما تريدين قتلي ، قالت : بل ألتمس غزته ، فإن أصبت شفيت نفسك ونفسي ، ويهنئك العيش معي ، وإن قتلت ، فما عند الله خير من الدنيا وزينتها وزينة أهلها ، فقال : فوالله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي ، فلك ما سالت . ثم تربص لعلي ساعة خروجه إلى صلاة الصبح ، فضربه بالسيف ، وهو يقول : الحكم لله يا علي لا لك ولا لأصحابك ، فخز علي رضي الله عنه ، وتجمهر الناس ، وقبضوا على ابن ملجم ، وأدخلوه على أمير المؤمنين فقال لهم : النفس بالنفس ، إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني ، وإن بقيت ، رأيت رأيي فيه . ثم ظل بعدها يومين أو ثلاثة حتى توفي رضي الله عنه سنة 40 من الهجرة

درس وعبرة

ولا بد للمسلم من أن يقف طويلا عند مقتل علي رضي الله عنه ، فلئن كان عثمان قد قتله الأشرار من دعاة الفتنة، لقد قتل علياً أحد الأشرار ممن انحرفوا في فهم الإسلام ، ولبس عليهم الشيطان ، فزين لهم قتل !إمام المسلمين على أنه طاعة يشترون بها الجنة ، لقد كان الخوارج مشهورين بالعبادة والتقوى ،

وفيهم يقول أبو حمزة الخارجي

" عفيفة عن الشر أعينهم ، ثقيلة عن الباطل أرجلهم ، أنضاء عبادة ، وأطلاح سهر، باعوا أنفسا تموت غدا ، بأنفس لا تموت أبدا "

ولكن عبادتهم لم تنفعهم حين انحرفوا في فهم الإسلام ، واستباحوا الخروج عن الجماعة ، واستحلوا دم الإمام العظيم ومن معه من المسلمين

وهكذا زين لهم الشيطان أعمالهم ، وأضلهم عن السبيل ، ففتحوا باب فتنة كبير على المسلمين ، وزادوا في فرقتهم ، بعد أن كانوا فريقين : فريقا مع علي ، وفريقا مع معاوية، إلى أن أصبحوا فريقا ثالثا لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء . داخلهم الزَّهو والغرور بعبادتهم ، حتى احتقروا المسلمين وكفروا أئمة الهدى ، وأضلوا المغرورين عن دين الله عز وجل

وها هو ذا التاريخ يعيد نفسه ، وها هم أولاء فريق ممن زين لهم الشيطان غرورهم بالطاعة والعبادة يكفرون رجال الإصلاح ، ويستحبون لأنفسهم تفريق صفوف الجماعة ، وتوهين بنيان الدعوة

ونكاد نظلم الخوارج الأولين حين نشبه هؤلاء بهم ، فلقد كان أولئك أبطال جهاد لا يكذبون ، وهؤلاء أبطال كلام لا يصدقون ، والأمر لله من قبل ومن بعد

بعد استشهاد علي

وهكذا لقي الإمام العظيم ربه بعد جهاد مرير مع خصومه وجنوده

أما خصومه : فقد حملوا في وجهه السلاح

وأما جنوده : فقد نكثوا معه البيعة ، وتمردوا على نصحه ورأيه ، ثم أفرط فريق منهم حين زعم أنه يغضب لله وينتصر للحق ، فإذا هو يستحل الدم الحلال ، والعرق البريء ، وإذا هو مفرق البنيان المتراص ، والشمل المجتمع

كان المسلمون حين قتل علي : ثلاث طوائف كبرى

شيعة لعلي

وشيعة لمعاوية

وخوارج يستحلون دماء الفريقين

ولئن كان علي رضي الله عنه على الحق في قتاله مع معاوية ، وكان الذين وقفوا بجانبه هم خيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلقد كان من الواجب أن تنتهي هذه الفرقة بعد تنازل الإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما لمعاوية بالخلافة ، وكان يجب أن يلتئم شمل المسلمين ليتمموا رسالتهم الأولى ، وينشروا دعوة الله في الأرض . ولكن أعداء الله والإسلام ، لا يروق لهم اجتماع كلمة المسلمين ، فاتخذوا من مقتل علي ثم الحسين بعده ـ رضي الله عنهما ـ وسيلة لإيقاد نار العداء بين جماهير المسلمين ، ومنذ قام اليهودي الخاسر عبد الله بن سبأ يتشيع لعلي ويزعم ألوهيته ؟ منذ ذلك الوقت وجد أعداء الإسلام في التشيع لعلي شعاراً يعملون من ورائه لهدم كيان الدولة الإسلامية الفتية ، ولو كان علماء المسلمين منذ عهد الصحابة متنبهين تمام التنبه للدسائس اليهودية والوثنية والمجوسية والديانات الحاقدة على الإسلام ، لكان تاريخ المسلمين غير هذا التاريخ ، ولحفظت حرمات المسلمين وحقنت دماؤهم ، ولكان أثرهم في التاريخ أكبر مما جرى به القدر، ولكن الله غالب على أمره

فهل يفيق المسلمون من غفوتهم ، وهل يتعظون من دروس التاريخ

وهل لهم أن يفيئوا جميعا إلى كتاب الله ، ويقضوا على هذه الفرقة التي جعلت الجسم الإسلامي مثخنا بالجراح

هل لعقلاء أهل السنة والشيعة أن يلتقوا من جديد ، على الدفاع عن هذا الإسلام الذي يحاول أعداؤه القضاء عليه دون أن يفرقوا بين سنة وشيعة ؟

هل للفريقين أن يعيشوا في الحاضر عاملين لمصلحتهم بدلا من أن يعيشوا في الماضي متحزبين إلى قوم لقوا الله وقد أصبحوا حبساء أعمالهم كل امرئ بما كسب رهين

أبرز نواحي عظمته

علمه

كان رضي الله عنه من علماء الصحابة، وأشهر فقهائهم ، وأدقهم نظرا ، وأشدهم توفيقا للحكم الصائب ، والرأي السديد ، وكان الصحابة يرجعون إليه إذا أشكلت عليهم المسائل

ولقد عرف بدقة الفهم ، وسداد الرأي منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد أرسله عليه السلام إلى اليمن قاضياً ، وكان مما عرض عليه في القضاء : أربعة وقعوا في حفرة حفرت ليصطاد فيها الأسد ، سقط أولا رجل ، فتعلق بآخر، وتعلق الآخر حتى تساقط الأربعة ، فجرحهم الأسد ، فماتوا من جراحتهم . وتنازع أولياؤهم حتى كادوا يقتتلون ، فقال علي : أنا أقضي بينكم ، فان رضيتم فهو القضاء، وإلا ، حجزت بعضكم عن بعض حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضي بينكم ؟ اجمعوا من القبائل الذين حفروا الحفرة ربع الدية وثلثها ونصفها ودية كاملة، فللأول ربع الدية؟ لأنه كان سببا في هلاك الثلاث الذين هلكوا معه ، فسقط من ديته بمقدارهم ، وبقي له الربع ، وللذي يليه ثلث الدية ، لأنه أهلك الاثنين اللذين هلكا بعده ، وللثالث نصف الدية؟ لأنه أهلك من بعده ، وللرابع الدية الكاملة ، لأنه هلك بصنع من قبله ، ولم يهلك بصنعه أحد. فأبوا أن يرضوا بهذا القضاء ، وأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليقصوا عليه القصة، فأجاز قضاء علي رضي الله عنه أخرجه الإمام أحمد

وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام : " أقضي أمتي علي "

ومن أقضيته التي تدل على ذكاء وفطنة : جلس اثنان يتغذيان ، ومع أحدهما خمسة أرغفة ، ومع الآخر ثلاثة ، وجلس إليهما ثالث ، واستأذنهما في أن يأكل معهما ، فأذنا له ، وأكلوا سواء لا، ثم ألقى إليهما ثمانية دراهم ، وقال : هذا عوض ما أكلت من طعامكما . فتنازعا في قسمتها ، فقال صاحب الخمسة : لي الخمسة ، ولك ثلاثة . وقال صاحب الثلاثة : بل نقسمها على السواء . فترافعا إلى علي ، فقال رضي الله عنه لصاحب الثلاثة : اقبل من صاحبك ما عرض عليك ، فأبى وقال : ما أريد إلا الحق . فقال علي رضي الله عنه : لك درهم واحد وله سبعة ، قال : وكيف ذلك يا أمير المؤمنين ؟ . قال : لأن الثمانية أربعة وعشرون ثلثاً : لصاحب الخمسة خمسة عشر، ولك تسعة ، وقد استويتم في الأكل فأكلت ثمانية وبقي لك واحد، وأكل صاحبك ثمانية وبقي له سبعة، وأكل الثالث ثمانية ، سبعة لصاحبك وواحد لك ، فقال : رضيت الآن

وكثيرا ما كان الصحابة يحيلون عليه من يتوجه إليهم بسؤال عن مسالة من مسائل العلم

قال أذينة العبدي : أتيت عمر فسألته : من أين أعتمر؟ قال : ائت عليا فاسأله

وجاء رجل إلى معاوية فأساله عن مسالة فقال : سل عنها علي بن أبي طالب ، فهو أعلم . قال : يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحب إلي من جواب علي . فقال له معاوية : بئس ما قلت : لقد كرهت رجلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزره بالعلم غزرا

وسئلت عائشة عن المسح على الخفين فقالت : ائت عليا فسله

وكثيرا ما رد عمر عن قضائه حين يخطئ ، رفعت إلى عمر امرأة ولدت لستة أشهر ، فأراد عمر رجمها، فقال له علي : إن الله تعالى يقول : "وحمله وفصاله " الأحقاف 15 " ، وقال تعالى : " وفصاله في عامين " لقمان 14 ، فالحمل ستة أشهر ، والفصال في عامين . فترك عمر رجمها وقال : لولا علي لهلك عمر أخرجه العقيلي

ورفع إلى عمر أمر امرأة حامل من الزنى ، وقد اعترفت به ، فأمر برجمها ، فتلقاها علي وقال : ما بال هذه ؟ قالوا : أمر عمر برجمها ، فردها علي وقال لعمر: هذا سلطانك عليها ، فما سلطانك على ما في بطنها؟ ـ يعني الحمل ـ ولعلك انتهرتها أو أخفتها ، قال : فقد كان ذلك . فقال علي : أو ما سمعت رسول الله صل قال : " لا حد على معترف بعد بلاء ؟ إنه من قيد أو حبس أو تهدد فلا إقرار له " فخلى سبيلها

وهكذا كان علي رضي الله عنه ، يحل المشكلات ، وينبه إلى الأخطاء ، حتى كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها علي رضي الله عنه

شجاعته

كان رضي الله عنه من الشجاعة بالمحل الأوفى . أبلى يوم بدر بلاء حسنا. برز من المشركين في معركة بدر ثلاثة من أبطالهم يطلبون البراز ، وهم عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة من أقرانهم ، أخرج عبيدة بن الحارث لعتبة بن ربيعة ، وحمزة لشيبة بن ربيعة ، وعليا للوليد بن عتبة . فقتل علي صاحبه ، وقتل حمزة صاحبه ، وأما عبيدة وعتبة فاختلفا بضربتين ، كلاهما جرح صاحبه ، فحمل حمزة وعلي على عتبة فقتلاه

وأبلى رضي الله عنه في معركة أحد بلاء مشهوداً ، وقد قتل فيها حامل لواء المشركين طلحة بن أبي طلحة، وكان فيمن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انهزم المسلمون في أحد ،

ولما جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت فاطمة تغسل عن وجهه الدم ، وعلي يسكب الماء ثم كان حامل لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حمراء الأسد بعد غزوة أحد

أما في معركة الخندق ـ غزوة الأحزاب ـ فقد كان له البلاء المشكور. خرج من صفوف المشركين عمرو بن ود ونادى المسلمين : من يبارز؟ فبرز له علي رضي الله عنه ، فقال له : يا عمرو ، إنك قد كنت عاهدت الله أن لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه . قال له : أجل ، قال له علي : فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام ، فقال : لا حاجة لي بذلك . قال : فإني أدعوك إلى النزال . فقال له عمرو : لم يا ابن أخي ؟ فوالله ما أحب أن أقتلك ، قال علي : لكني والله أحب أن أقتلك ، فحمي عمرو عند ذلك ، فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه ، ثم أقبل على علي ، فتنازلا وتجاولا ، فقتله علي رضي الله عنه

وفي معركة خيبر، تعذر فتح الحصون على المسلمين أولا، ثم قال عليه الصلاة والسلام : " لأعطين الراية غداً رجلا يحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، ليس بفرار . ثم دعا عليا ، وهو أرمد ، فتفل في عينه ، فبرئت ، ثم خرج علي ، فلما دنا من الحصن ، خرج إليه أهله فقاتلهم ، فضربه رجل من يهود ، فطرح ترسه من يده ، فتناول رضي الله عنه بابا كان عند الحصن ، فترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده وهو يقاتل ، حتى فتح الله عليه ، ثم ألقاه من يده حين فرغ

قال أبو رافع ـ وكان مع علي في هذه الموقعة ـ : فلقد رأيتني في نفر معي سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما استطعنا أن نقلبه

سئل ابن عباس : أكان علي يباشر القتال يوم صفين ؟ فقال : والله ما رأيت رجلا أطرح لنفسه في متلف من علي ، ولقد كنت أراه يخرج حاسر الرأس ، بيده السيف ، إلى الرجل الدارع فيقتله

ورعه وزهده

قال لعمر وهو في خلافته : يا أمير المؤمنين ، إن سرك أن تلحق بصاحبيك ـ يعني رسول الله وأبا بكر ـ فاقصر الأمل ، وكل دون الشبع ، واقصر الإزار ، وارفع القميص ، واخصف النعل تلحق بهما

وهذا يدلل على روحه وطبيعته وطراز الحياة التي يحبها

وكذلك عاش رضي الله عنه في خلافته ، يلبس الخشن من الثياب ، ويتعفف عن أموال المسلمين

قال أبو سعيد الأزدي : رأيت عليا في السوق وهو يقول : من عنده قميص صالح بثلاثة دراهم ؟ فقال رجل : عندي . فجاء به ، فأعجبه ، فأعطاه ثم لبسه ، فإذا هو يفضل عن أطراف أصابعه ، فأمر به لقطع ما فضل عن أصابعه

وقد عوتب في لباسه الرخيص فقال : مالك واللبوس ؟ إن لبوسي هذا أبعد من الكبر ، وأجدر أن يقتدي به المسلم

ودخل عليه رجل في أيام البرد ، فوجده يرعد من البرد ، وهو يلبس دثاراً بالياً ، فقال له : يا أمير المؤمنين !إن الله قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال ، وأنت تصنع بنفسك ما تصنع ؟ فقال علي : ما أرزؤكم من مالكم ، وإنها لقطيفتي ـ دثاري ـ التي خرجت بها من ا لمدينة

وصف ضرار لعلي

وخير ما نختتم به هذه الأحاديث عن علي ، وأخلاقه ، ونواحي عظمته ، ما أخرجه الدولابي : أن معاوية قال لضرار الصدائي : صف لي عليا ـ وكان ذلك بعد استشهاده ـ فقال : اعفني يا أمير المؤمنين ، قال : لتصفه . قال ضرار : كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فضلا ، ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويأنس إلى الليل ووحشته ، وكان غزير العَـبرة، طويل الفكرة ، يقلب كفه ، ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن . كان فينا كأحدنا ، يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه ، وينبئنا إذا استنبأناه ، ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويقرب المساكين ، ولا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله . وأشهد بالله : لقد رأيته في بعض مواقفه ـ وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه ـ يميل في محرابه قابضا على لحيته ، يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، ويقول : يا دنيا غري غيري ، أليَّ تعرضت ؟ أم إليَّ تشوفت ؟ هيهات هيهات ! قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعمرك قصير ، ومجلسك حقير ، وخطرك قليل ، آه آه من قلة الزاد ، وبعد السفر، ووحشة الطريق

فبكى معاوية وقال : رحم الله أبا الحسن ، كان والله كذلك ، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال : حزن من ذبح واحدها في حجرها ، لا ترقأ دمعتها، ولا يسكن حزنها . يرحمه الله ، ويجزل له المثوبة ، ويجعل لنا في سيرته خير عظة وعبرة

من كلماته الخالدة

وصيته للمسلمين

ولما حضرته الوفاة أوصى فكان من وصيته : أوصيكم بتقوى الله ربكم ، ولا تموتن إلا وانتم مسلمون " وأعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " آل عمران ، فإني سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : " إن صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام " ، الله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معاشكم ، والله الله في ذمة نبيكم ، فلا يظلمن بين أظهركم ، والله الله في أصحاب نبيكم ، فإن رسول الله أوصى بهم . لا تخافن في الله لومة لائم ، يكفيكم من أرادكم وبغى عليكم ، وقولوا للناس حسنا ، كما أمركم الله ، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيولي الأمر شراركم ، ثم تدعون فلا يستجاب لكم ، وعليكم بالتواصل والتباذل ، وإياكم والتدابر والتقاطع ، أستودعكم الله

وصيته لأولاده

دخل جندب بن عبد الله على علي ، رضي الله عنه ، يوم طعن ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، إن فقدناك ـ ولا نفقدك ـ هل نبايع الحسن ؟ فقال رضي الله عنه : ما آمركم ولا أنهاكم ، أنتم أبصر

ثم دعا الحسن والحسين ، فقال لهما: " أوصيكما بتقوى الله ، وألا تبغيا الدنيا وإن بغتكما ، ولا تبكيا على شيء ذوى عنكما ، وقولا الحق ، وارحما اليتيم ، وأغيثا الملهوف ، واصنعا للآخرة ، وكونا للظالم خصماً ، وللمظلوم ناصراً ، واعملا بما في الكتاب ، ولا تأخذكما في الله لومة لائم "

ثم أوصى ابنه محمد بن الحنفية بما أوصى أخويه ، وأوصاه بتوقير حقهما ، وأن لا يقطع بأمر دونهما ، ثم أوصاهما به ، وقال : علمتما أن أباكما كان يحبه

اعملوا في غير رياء ولا سمعة ، فإنه من يعمل لغير الله يكله الله لمن عمل له

لسان الصدق يجعله الله للمرء في الناس خيراً له من المال يورثه غيره

الجهاد باب من أبواب الجنة ، فتحه الله لخاصة أوليائه ، وهو لباس التقوى ، ودرع الله الحصينة ، وجنته الوثيقة ، فمن تركه رغبة عنه ، ألبسه الله ثوب الذل ، وشمله البلاء .

لو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى العسل ، ولباب القمح ، ونسائج القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة ، أفأبيت مبطاناً وحولي بطن غرثى ـ جائعة ـ، وأكباد حرى ـ ظمأىـ ، أأقنع من نفسي بأن يقال : هذا أمير المؤمنين ، ولا أشاركهم في مكاره الدهر. أو أكون لهم أسوة في خشونة العيش ‍‍‍...

من كتابه إلى الأشعث بن قيس عامله على أذربيجان : إن عملك ليس لك بطعمة . ولكنه في عنقك أمانة، وأنت مسترعى لمن فوقك ، ليس لك أن تفتات في رعية، ولا تخاطر إلا بوثيقة ـ أي إلا أن تكون مستوثقا محتاطاـ

احفظوا عني خمسا ، فلو ركبتم الإبل في طلبهن ، لأنضيتموهن قبل أن تدركوهن : لا يرجو عبد إلا ربه ، ولا يخاف إلا ذنبه ، ولا يستحي جاهل أن يسأل عما لا يعلم ، ولا يستحي عالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول : الله أعلم ، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا إيمان لمن لا صبر له

مع على رضي الله عنه

وصيته لكميل بن زياد

يا كميل بن زياد ، القلوب أوعية ، فخيرها أوعاها ، احفظ ما أقول لك

الناس ثلاثة : فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق . العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال . العلم يزكو على العمل ـ أي ينمو ويزيد بالعمل به ـ والمال تُنقصه النفقة ، ومحبة العالم دَين يُدان بها . العلم يكسب العالم الطاعة في حياته ، وجميل الأحدوثة بعد موته ، وصنيعة المال تزول بزواله . مات خزان الأموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة ، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، أولئك هم الأقلون عددا ، الأعظمون عند الله قدرا ، بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر ، فاستلانوا ما استوعر منه المترفون ، وأنَسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمنظر الأعلى ، أولئك خلفاء الله في بلاده ودعاته إلى دينه

الدنيا لأحد رجلين

ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ، ولكن الخير أن يكثر علمك ، ويعظم حلمك ، وأن تباهي الناس بعبادة ربك ، فإن أحسنت حمدت الله له وإن أسأت استغفرت الله ، ولا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين : رجل أذنب ذنبا فهو يتدارك ذلك بتوبة ، أو رجل يسارع في الخيرات ، ولا يقل عمل في تقوى ، وكيف يقل ما يتقبل

أقول : وليست المباهاة بالعبادة أن يفاخر بها ؟ فذلك مما يحبط الأجر ، ولكنها هنا هي أن يعتز المؤمن بعبادته ، ولا يخجل منها ، كما يفعل ضعاف الإيمان حين يكونون مع الملحدين أو الفاسقين

لا ينفع العمل من غير قبول

كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل ، فإنه لن يقل عمل مع التقوى ، وكيف يقل عمل يتقبل ؟

من هو الفقيه

ألا إن الفقيه كل الفقيه الذي لا يقنط الناس من رحمة الله ، ولا يؤمنهم من عذاب الله ، ولا يرخص لهم في معاصي الله ، ولا يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره ، ولا خير في عبادة لا علم فيها ، ولا خير في علم لا فهم فيه ، ولا خير في قراءة لا تدبر فيها

الهوى وطول الأمل

إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى ، وطول الأمل ، فأما اتباع الهوى : فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل : فينسي الآخرة . ألا وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة ، ألا وان الآخرة قد ترحلت مقبلة ، ولكل واحد منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل

أقسام الصبر

للصبر أربع شعب : الشوق ، والشفقة ، والزهادة ، وا لترقب

فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن الحرمات ، ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات ، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات

أقسام الجهاد

وللجهاد أربع شعب : الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن ، وشنآن الفاسقين

فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق ، ومن صدق في المواطن ـ أي ثبت في المعركة ـ قضى الذي عليه وأحرز دينه ، ومن شنأ الفاسقين فقد غضب لله ، ومن غضب لله يغضب الله له

احذروا الكذب وانصحوا أنفسكم

من خطبة له رضي الله عنه : إن أنصح الناس لنفسه أطوعهم لربه ، وإن أغشهم لنفسه أعصاهم لربه ، والمغبون من غبن نفسه ، والمغبوط من سلم له دينه ، والسعيد من وعظ بغيره ، والشقي من انخدع لهواه وغروره ، واعلموا أن يسير الرياء شرك ، ومجالسة أهل الهوى منساة للإيمان ، ومحضره للشيطان ، جانبوا الكذب ؟ فانه مجانب للإيمان . الصادق على شفا منجاة وكرامة ، والكاذب على شرف مهواة ومهانة ، ولا تحاسدوا ، فان الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب ، ولا تباغضوا ، فإنها الحالقة ـ أي تحلق دين المتباغضين كما تحلق الموسى الشعر ـ

دعــــــاء

اللهم اغفر لي ما أنت أعلم به مني ، فإن عدت فعد علي بالمغفرة ، اللهم اغفر لي ما وأيت "أي وعدت " من نفسي ولم تجد له وفاء عندي ، اللهم اغفر لي ما تقربت به إليك بلساني ثم خالفه قلبي ، اللهم اغفر لي رمزات الألحاظ ، وسقطات الألفاظ ، وسهوات الجنان "أي القلب" ، وهفوات اللسان

مناجـــــاة

يا من يرحم من لا يرحمه العباد ، ويا من يقبل من لا تقبله البلاد ، ربا من لا يحتقر أهل الحاجة إليه ، يا من لا يجيبه بالرد أهل الإلحاح عليه ، يا من يشكر على القليل ، ويجازي بالجليل ، يا من يدنو إلى من دنا منه ، يا من يدعو إلى نفسه من أدبر عنه ، يا من لا يغير النعمة ، ولا يبادر بالنقمة ، يا من يثمر الحسنة حتى ينميها ، ويتجاوز عن السيئة حتى يعفيها ، انصرفت دون مدى كرمك الحاجات ، وامتلأت بفيض جودك أوعية الطلبات ، وخاب الوافدون على غيرك ، وخسر المتعرضون إلا لك ، وأجدب المنتجعون إلا من انتجع فضلك ، وها أنذا يا إلهي أؤمل بالوفادة ، فاسمع ندائي ، وأكرم من عندك منصرفي

سفك الدماء بغير حلها

إياك والدماء وسفكها بغير حلها ، فانه ليس شيء أدعى لنقمة ، ولا أعظم لتبعة ، أحرى بزوال نعمة ، ولا انقطاع مدة ، من سفك الدماء بغير حقها . والله سبحانه مبتدىء بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام ، فإن ذلك مما يضعفه ويوهنه ، بل يزيله وينقله

ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد ، لأن فيه قود البدن … وإن ابتليت بخطأ وأفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بالعقوبة ، فان في الوكزة فما فوقها مقتلة ، فلا تطمحن بك نخوة سلطانك عن أن تؤدي إلى أولياء المقتول حقهم

وقال : إنه ليس شيء أدعى إلى حلول النقم ، وزوال النعم ، وانتقال الدول وزوالها ، من سفك الدماء المحرمة ، وانك إن ظننت أنك تقوي سلطانك بذلك ، فليس الأمر كما ظننت ، بل تضفه وتوهنه ، بل أكثر منذلك تعدمه بالكلية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشقة الخيال
عضو فضـي
عضو فضـي
عاشقة الخيال


عدد المساهمات : 246
نقاط : 321
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 27/11/2009
الموقع : لا مكان حتى الان

الخلفاء الراشدين Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخلفاء الراشدين   الخلفاء الراشدين Icon_minitime1الخميس يناير 21, 2010 6:58 pm

شكرا كتير الموضوع حلو ومفيد وبصراحة انا قرأت موضوع ابو بكر (رضي الله عنه وارضاه) وانشاء الله بكمل بعديييين هههه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الخلفاء الراشدين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
»-(¯`v´¯)-» منتـــــــديات عـــــــــذاب الحــــــــــــب»-(¯`v´¯)-» :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى: